وقوله تعالى :﴿إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون﴾ (الجاثية، ٢٩)
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٤
تنبيه : إدخال التاء في الصغيرة والكبيرة على تقدير أنّ المراد الفعلة الصغيرة والكبيرة، قال بعض العلماء : احتجبوا من الصغائر قبل الكبائر لأن الصغائر هي التي جرتهم إلى الكبائر واحترزوا من الصغائر حذراً من أن تقعوا في الكبائر، وعن سهل بن سعد قال قال رسول اللّه ﷺ "إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب مثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء هذا بعود فطبخوا خبزهم وإن محقرات الذنوب لموبقات ﴿ووجدوا ما عملوا حاضراً﴾ أي : مثبتاً في كتابهم ﴿ولا يظلم ربك﴾ أي : الذي رباك بخلق القرآن ﴿أحداً﴾ منهم ولا من غيرهم في كتاب ولا عقاب ولا ثواب بل يجازي الأعداء بما يستحقونه تعذيباً لهم ويجازي أولياءه الذين عادوهم بما يستحقون تنعيماً لهم، روى الإمام أحمد في المسند عن جابر بن عبد اللّه أنه سافر إلى عبد اللّه بن أنيس مسيرة شهر يستأذن فاستأذن عليه قال : فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته قلت حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول اللّه ﷺ في القصاص فخشيت أن تموت قبل أن أسمعه فقال : سمعت رسول اللّه ﷺ يقول :"يحشر اللّه عز وجل الناس أو قال العباد حفاة عراة بهما قلت : وما بهما قال : ليس معهم شيء ثم ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عليه حق حتى أقتص منه حتى اللطمة، قال : فقلنا كيف وإنا نأتي حفاة عراة بهما قال : بالحسنات والسيآت" وروى الرازي عن رسول اللّه ﷺ أنه قال :"يحاسب اللّه الناس في القيامة على ملة يوسف وأيوب وسليمان فيدعوا المملوك فيقال : ما شغلك عني فيقول : جعلتني عبداً لآدمي فلم يفرغني فيدعو يوسف فيقول : كان هذا عبداً مثلك فلم يمنعه ذلك أن عبدني فيؤمر به إلى النار ثم يدعو المبتلى، فإذا قال : شغلتني بالبلاء دعا أيوب فيقول : قد ابتليت هذا بأشد من بلائك فلم يمنعه ذلك من عبادتي، ثم يؤتى بالملك في الدينا مع ما آتاه اللّه
٤٢٤
تعالى من الغنى والسعة فيقول : ما عملت فيما آتيتك ؟
فيقول : شغلني الملك عن ذلك فيدعي سليمان فيقول : هذا عبدي آتيته أكثر مما آتيتك فلم يشلغه ذلك عن عبادتي اذهب فلا عذر لك ويؤمر به إلى النار"، وعن معاذ عن رسول اللّه ﷺ أنه قال :"لن يزول قدم العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ؛ عن جسده فيم أبلاه وعن عمره فيم أفناه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه كيف عمل به". ولما كان المقصود من ذكر الآيات المتقدمة الرد على القوم الذين افتخروا بأموالهم وأعوانهم على فقراء المسلمين وهذه الآية المذكورة في قوله تعالى :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٤


الصفحة التالية
Icon