لا جرم أشركه الله تعالى في الصلوات في قوله :﴿كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم﴾ سادسها : وفي حق سارة في قوله تعالى :﴿وإبراهيم الذي وفى﴾ (النجم، ٣٧)
لا جرم جعل موطئ قدميه مباركاً ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾ (البقرة، ١٢٥)
سابعها : عادى كل الخلق في الله فقال فإنهم عدوّ لي إلا رب العالمين فاتخذه الله خليلاً كما قال :﴿واتخذ الله إبراهيم خليلاً﴾ (النساء، ١٢٥)
ليعلم صحة قولنا ما خير على الله أحداً.
القصة الرابعة قصة موسى عليه السلام المذكورة في قوله تعالى
﴿واذكر في الكتاب﴾ أي : الذي لا كتاب مثله في الكمال ﴿موسى﴾ أي : الذي أنقذ الله به بني إسرائيل من العبودية ثم إنّ الله تعالى وصفه بأمور أحدها قوله تعالى :﴿إنه كان مخلصاً﴾ قرأه عاصم وحمزة والكسائي بفتح اللام أي : مختاراً اختاره الله تعالى واصطفاه وقيل أخلصه الله تعالى من الدنس والباقون بالكسر أي : أخلص التوحيد لله والعبادة ومتى ورد القرآن بقراءتين فكل منهما ثابت مقطوع به فجعل الله تعالى من صفة موسى عليه السلام كلا الأمرين. ثانيها : قوله تعالى :﴿وكان رسولاً﴾ إلى بني إسرائيل والقبط ﴿نبياً﴾ ينبئه الله بما يريد من وحيه لينبئ به المرسل إليهم فيرتفع بذلك قدره فلذلك صرح بها بعد دخولها في الرسالة ضمناً إذ كل رسول نبيّ وليس كل نبيّ رسولاً خلافاً للمعتزلة فإنهم زعموا كونهما متلازمين فكل رسول نبيّ وكل نبيّ رسول وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى في سورة الحج عند قوله :﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ﴾ (الحج، ٥٢)
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٧٤
ثالثها : قوله تعالى :
﴿وناديناه﴾ أي : بما لنا من العظمة ﴿من جانب الطور﴾ هو اسم جبل ﴿الأيمن﴾ أي : الذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين فأنبأناه هناك حين كان متوجهاً إلى مصر بأنه رسولنا ثم واعدناه إليه بعد إغراق آل فرعون فكان لبني إسرائيل به من العجائب في رحمتهم بإنزال الكتاب والإلذاذ بالخطاب من جوف السحاب وفي إماتتهم لما طلبوا الرؤية ثم إحيائهم وغير ذلك ما يجل عن الوصف. رابعها : قوله تعالى ﴿وقرّبناه﴾ بما لنا من العظمة تقريب تشريف حالة كونه ﴿نجياً﴾ نخبره من أمرنا بلا واسطة من النجوى وهي السر والكلام بين اثنين كالسر وقيل قرب مكان أي : مكانا عالياً، عن أبي العالية أنه قرب حتى سمع صرير القلم حيث يكتب التوراة في الألواح وقيل أنجيناه من أعدائه، خامسها : قوله تعالى :
﴿ووهبنا له﴾ أي : هبة تليق بعظمتنا ﴿من رحمتنا﴾ أي : من أجل رحمتنا أو بعض رحمتنا ﴿أخاه﴾ أي : معاضدة أخيه وموازرته لا شخصه وإخوته وذلك إجابة لدعوته ﴿واجعل لي وزيراً من أهلي هارون﴾ (طه : ٢٩، ٣٠)
فإنه كان أسن من موسى
٤٧٦
تنبيه : أخاه مفعول أو بدل على تقدير أن تكون من للتبعيض وقوله :﴿هارون﴾ عطف بيان وقوله ﴿نبياً﴾ حال منه هي المقصودة بالهبة.
القصة الخامسة : قصة إسماعيل عليه السلام المذكورة في قوله تعالى :
﴿واذكر في الكتاب إسماعيل﴾ بن إبراهيم عليهما السلام الذين هم معترفون بنبوّته ومفتخرون برسالته وأبوّته فلزم من ذلك فساد تعليلهم إنكار نبوّتك بأنك من البشر ثم إنّ الله تعالى وصف إسماعيل بأمور :
أوّلها : قوله تعالى :﴿إنه كان﴾ أي : جبلة وطبعاً ﴿صادق الوعد﴾ في حق الله وفي حق غيره لمعونة الله له على ذلك بسبب أنه لا يعد وعداً إلا مقروناً بالاستثناء كما قال لأبيه حين أخبره بأمر ذبحه :﴿ستجدني إن شاء الله من الصابرين﴾ (الصافات، ١٠٢)
وخصه بالمدح به وإن كان الأنبياء كلهم كذلك لقصة الذبح فلا يلزم منه تفضيله مطلقاً وروي عن ابن عباس أنه وعد صاحباً له أن ينتظره في مكان فانتظره سنة وروي أنّ عيسى عليه السلام قال له رجل انتظرني حتى آتيك فقال عليه السلام نعم وانطلق الرجل ونسي الميعاد فجاء إلى حاجته إلى ذلك المكان وعيسى عليه السلام هناك للميعاد، وعن رسول الله ﷺ "أنه واعد رجلاً ونسي ذلك الرجل فانتظره من الضحى إلى غروب الشمس" وسئل الشعبي عن الرجل يعد ميعاداً إلى أيّ وقت ينتظره ؟
قال : فإن واعده نهاراً فكل النهار وإن واعده ليلاً فكل الليل، وسئل إبراهيم بن زيد عن ذلك فقال : إذا واعدته في وقت الصلاة فانتظره إلى وقت صلاة أخرى.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٧٤
ثانيها : قوله تعالى :﴿وكان رسولاً نبياً﴾ قد مرّ تفسيره. وثالثها : قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon