روي عن موسى عليه السلام أنه قال : يا رب علمني شيئاً أذكرك به قال : قل لا إله إلا الله، قال : إنما أردت شيئاً تخصني به قال يا موسى لو أن السموات السبع ومن فوقهنّ في كفة ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهنّ لا إله إلا الله، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى :﴿ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة﴾ (إبراهيم، ٢٤)
أنها لا إله إلا الله ﴿إليه يصعد الكلم الطيب﴾ (فاطر، ١٠)
لا إله إلا الله ﴿وتواصوا بالحق﴾ (العصر، ٤)
لا إله إلا الله ﴿قل إنما أعظكم بواحدة﴾ (سبأ، ٤٦)
لا إله إلا الله ﴿وقفوهم إنهم مسؤولون﴾ (الصافات، ٢٤)
عن قول لا إله إلا الله ﴿بل جاء بالحق وصدق المرسلين﴾ (الصافات، ٣٧)
هو لا إله إلا الله ﴿يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ (إبراهيم، ٢٧)
هو لا إله إلا الله ﴿ويضل الله الظالمين﴾ (إبراهيم، ٢٧)
عن قول لا إله إلا الله.
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ "من قال في السوق لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة وبنى له بيتاً في الجنة" قال الرازي وفي النكت ينبغي لأهل لا إله إلا الله أن يخلصوا في أربعة أشياء حتى يكونوا من أهل لا إله إلا الله التصديق والتعظيم والجلالة والحرمة فمن ليس له التصديق فهو منافق ومن ليس له التعظيم فهو مبتدع ومن ليس له الجلالة فهو مراء ومن ليس له الحرمة فهو فاجر وكذاب.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩٥
وحكي أنّ بشراً الحافي رأى كاغداً فيه بسم الله الرحمن الرحيم فرفعه وطيبه بالمسك فرأى في النوم كأنه نودي يا بشر طيبت اسمنا فنحن نطيب اسمك في الدنيا والآخرة.
وذكر أنّ صياداً كان يصيد السمك وكانت ابنته تطرحها في الماء وتقول إنما وقعت في الشبكة لغفلتها إلهنا تلك الصبية كانت ترحم غفلتها وكانت تلقيها مرة أخرى في البحر ونحن قد اصطادتنا وسوسة الشيطان وأخرجنا من بحر رحمتك فارحمنا بفضلك وخلصنا منه وألقنا في بحار رحمتك مرّة أخرى.
٤٩٨
وعن محمد بن كعب القرظي قال : قال موسى : إلهي أي : خلقك أكرم عليك ؟
قال : الذي لا يزال لسانه رطباً من ذكري، قال : فأي خلقك أعظم ؟
قال : الذي يلتمس إلى علمه علم غيره، قال : فأيّ خلقك أعدل ؟
قال : الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس، قال : وأيّ خلقك أعظم جرماً ؟
قال : الذي يتهمني وهو الذي يسألني ثم لا يرضى بما قسمت له. إلهنا إنا لانتهمك فإنّا نعلم أنّ كل ما أحسنت به فهو فضل وكل ما لا تفعله فهو عدل فلا تؤاخذنا بسوء أفعالنا وأعمالنا.
وعن الحسن إذا كان يوم القيامة نادى مناد سيعلم الجمع من أولى بالكرم أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟
فيقومون فيتخطون رقاب الناس، ثم يقال : أين الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟
ثم ينادي منادٍ أين : الحامدون الله كثيراً على كل حال ؟
ثم يكون الحساب على من بقي. إلهنا نحن حمدناك وأثنينا عليك بمقدار طاقتنا ومنتهى قدرتنا فاعف عنا بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين، ولما عظّم الله تعالى حال القرآن وحال رسوله ﷺ بما كلفه أتبع ذلك بما يقوي قلب رسوله ﷺ من ذكر أحوال الأنبياء تقوية لقلبه في الإبلاغ كقوله تعالى :﴿وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك﴾ (هود، ١٢٠)
وبدأ بموسى عليه السلام لأنّ فتنته كانت أعظم الفتن ليتسلى قلب الرسول ﷺ ويصبر على حمل المكاره، فقال تعالى :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩٥
﴿وهل أتاك حديث موسى﴾ وهذا محتمل لأن يكون هذا أوّل ما أخبر به من أمر موسى فقال : وهل أتاك أي : لم يأتك إلى الآن فتنبه له وهذا قول الكلبي ومحتمل أن يكون قد أتاه ذلك في الزمان المتقدم فكأنه قال : أليس قد أتاك ؟
وهذا قول مقاتل والضحاك عن ابن عباس وهذا وإن كان على لفظ الاستفهام الذي لا يجوز على الله تعالى لكن المقصود منه تقرير الخبر في نفسه وهذه الصورة أبلغ في ذلك كقولك لصاحبك هل بلغك عني كذا ؟
فيتطلع السامع إلى معرفة ما يومئ إليه ولو كان المقصود هو الاستفهام لكان الجواب يصدر من قبل موسى لا من قبل الله تعالى، وقيل : إن هل بمعنى قد وجرى على ذلك الجلال المحلي تبعاً للبغوي وقوله تعالى :
﴿إذ رأى﴾ يجوز أن يكون منصوباً بالحديث وهو الظاهر ويجوز أن ينصب باذكر مقدراً أي : واذكر إذ رأى ﴿ناراً﴾ وذلك أنّ موسى عليه السلام استأذن شعيباً عليه السلام في الرجوع من مدين إلى مصر لزيارة والدته وأخيه فأذن له فخرج بأهله وماله وكانت أيام شتاء وأخذ على غير الطريق مخافة ملوك الشام وامرأته حامل في شهرها لا تدري ليلاً تضع أو نهاراً فسار في البرية غير عارف بطرقها فألجأه المسير إلى جانب الطور الغربي الأيمن في ليلة مظلمة مثلجة شديدة البرد.