تنبيه : يأتي قبل قيام الساعة فتن أعظمها فتنة المسيح الدجال فعن هشام بن عامر قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"ما بين خلق آدم عليه السلام إلى قيام الساعة أكبر من خلق الدجال". معناه أكبر
٥٨٦
فتنة وأعظم شوكة من الدجال، وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ ذكر الدجال فقال :"إنه أعور عين اليمنى كأنها عنبة طافية" ولأبي داود والترمذي عنه قال : قام رسول الله ﷺ في الناس فأثنى على الله تعالى بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال :"إني أنذركموه وما من نبي إلا أنذر قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه تعلمون إنه أعور والله سبحانه ليس بأعور". وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ﷺ "ما من نبي إلا وأنذر قومه وأمته الأعور الدجال ألا وأنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر" وفي رواية مسلم :"بين عينيه ك ف ر يقرؤه كل مسلم". وعن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت : كان رسول الله ﷺ في بيتي فذكر الدجال فقال :"إن بين يديه ثلاثة سنين سنة تمسك السماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها، والثالثة تمسك السماء قطرها كله والأرض نباتها كله فلا تبقى ذات ظلف ولا ذات ضرس من البهائم إلا هلكت، ومن أشد فتنته أن يأتي الأعرابي فيقول : أرأيت إن أحييت لك إبلك ألست تعلم إني ربك ؟
فيقول : بلى، فيمثل له مثل إبله كأحسن ما تكون ضروعاً وأسنمة، ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه فيقول : إن أحييت لك أباك وأحييت لك أخاك ألست تعلم أني ربك ؟
فيقول : بلى، فيمثل له الشيطان نحو أبيه ونحو أخيه قالت : ثم خرج رسول الله ﷺ لحاجته ثم رجع والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم فأخذ بلحمتي الباب فقال : مهيم أسماء قلت : يا رسول الله قد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال قال : إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه وإلا فربي خليفتي على كل مؤمن، قالت : فقلت يا رسول الله : إنا لنعجن عجيننا فما نخبزه حتى نجوع فكيف بالمؤمنين حينئذ ؟
قال : يجزيهم ما يجزي أهل السماء من التسبيح والتقديس". وروى البغوي بسنده عنها أنها قالت : قال رسول الله ﷺ "يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كاضطرام السعفة في النار" انتهى. والذي جاء في صحيح مسلم قالت : قلت يا رسول الله ما مكثه في الأرض ؟
قال :"أربعون يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم ؟
قال : لا اقدروا له قدراً، قلنا : يا رسول الله وما إسراعه في الأرض ؟
قال : كالغيث استدبرته الريح". وفي رواية أبي داود :"فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته" ومنه :"ثم ينزل عيسى عليه السلام عند
٥٨٧
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٨٦
المنارة البيضاء شرقي دمشق فيدركه عند باب لد فيقتله" وعن حذيفة قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"إن مع الدجال إذا خرج ماء وناراً، فأما الذي يرى الناس أنه نار فماء بارد وأما الذي يرى الناس أنه ماء فنار تحرق، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى الناس أنه نار فإنه ماء عذب بارد". وعن أبي هريرة :"ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال ما حدث به نبي قومه إنه أعور وإنه يجيء بمثال الجنة والنار فالتي يقول : إنها الجنة هي النار وإني أنذركم كما أنذر نوح قومه" وعن المغيرة بن شعبة قال :"ما سأل أحد رسول الله ﷺ عن الدجال أكثر ما سألته وأنه قال لي : ما يضرك قلت إنهم يقولون : أن معه جبال خبز ونهر ماء قال : هو أهون على الله من ذلك".
أي : أهون على الله من أن يجعل ما خلق الله بيده مضلاً للمؤمنين ومشككاً لقلوبهم، بل إنما جعله الله تعالى ليزدادوا إيماناً وتثبت الحجة على الكافرين والمنافقين، وليس معناه ليس معه شيء من ذلك لما مر في الحديث أن معه ماء وناراً وذكر فيه أحاديث كثيرة، وفي هذا القدر تذكرة لأولي الألباب أجارنا الله تعالى وأحبابنا من فتنته آمين.
ولما بين تعالى أن القول بالقيامة حق وكان من المعلوم بالضرورة أن الإنسان لا ينتفع في يوم القيامة إلا بطاعة الله والتضرع إليه لا جرم كان الاشتغال بالطاعة من أهم المهمات.
ولما كان أشق أنواع الطاعات الدعاء والتضرع لا جرم أمر الله تعالى به فقال سبحانه :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٨٦