وعن ابن عمر : تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه ثم تستقبل المشرق ثم الشأم ثم اليمن فتفعل مثل ذلك، وروي أنها تخرج من أجياد، روي بينما عيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون إذ تضطرب الأرض تحتهم تحرك القنديل وينشق الصفا مما يلي المسعى فتخرج الدابة من الصفا ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتضرب المؤمن في مسجده أو فيما بين عينيه بعصا موسى فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه أو تترك وجهه كأنه كوكب دريّ وتكتب بين عينيه مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتى يسودّ لها وجهه وتكتب بين عينيه كافر، وروي فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم أنف الكافر بالخاتم ثم تقول لهم يا فلان أنت من أهل الجنة ويا فلان أنت من أهل النار.
وعن أبي هريرة أنّ رسول الله ﷺ قال :"بادروا بالأعمال ستاً طلوع الشمس من مغربها والدجال والدخان والدابة وخاصة أحدكم وأمر العامة" وقال ﷺ "إنّ أوّل الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها".
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٢٠
وقال ﷺ "للدّابة ثلاث خرجات من الدهر فتخرج خروجاً بأقصى اليمن فيفشو ذكرها في البادية ولا يدخل ذكرها القرية يعني مكة ثم تكمن زماناً طويلاً ثم تخرج خرجة أخرى قريباً من مكة فيفشو ذكرها بالبادية ويدخل ذكرها القرية يعني مكة ثم بينا الناس يوماً في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها على الله عز وجلّ يعني المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنو وتدنو، قال الراوي ما بين الركن الأسود إلى باب بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد في وسط من ذلك فارفض الناس عنها وثبتت لها عصابة عرفوا أنهم لم يعجزوا الله فخرجت عليهم تنفض رأسها من التراب فمرت فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب حتى إنّ الرجل ليقوم فيتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول يا فلان الآن تصلي، فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه فيتجاور الناس في ديارهم ويصطحبون في أسفارهم ويشتركون في الأموال ويعرف الكافر من المؤمن فيقال للمؤمن يا مؤمن وللكافر يا كافر".
وعن عليّ رضي الله تعالى عنه أنه قال ليست بدابة لها ذنب ولكن لها لحية يشير إلى أنها رجل، والأكثرون على أنها دابة، وعن ابن عباس أنه قرع الصفا بعصاه وهو محرم وقال إنّ الدابة
١٢٢
لتسمع قرع عصاي هذه، وعن أبي هريرة أنّ النبي ﷺ قال :"بئس الشعب شعب أجياد مرّتين أو ثلاثاً قيل ولم ذاك يا رسول الله قال تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات يسمعها من بين الخافقين" وقال وهب : وجهها وجه الرجل وسائر خلقها خلق الطير فتخبر من يراها أنّ أهل مكة كانوا بمحمد والقرآن لا يوقنون، وقرأ الكوفيون بفتح الهمزة من أنّ على تقدير الباء أي : بأنّ الناس الخ، والباقون بكسرها على الاستئناف.
﴿ويوم نحشر﴾ أي : الناس على وجه الإكراه، قال أبو حيان الحشر الجمع على عنف ﴿من كل أمّة﴾ أي : قرن ﴿فوجاً﴾ أي : جماعة ﴿ممن يكذب بآياتنا﴾ أي : وهم رؤساؤهم المتبوعون ﴿فهم يوزعون﴾ أي : يجمعون يرد آخرهم إلى أوّلهم وأطرافهم على أوساطهم ليتلاحقوا ولا يشذ منهم أحد ولا يزالون كذلك.
﴿حتى إذا جاؤوا﴾ إلى مكان الحساب ﴿قال﴾ أي : الله تعالى لهم ﴿أكذبتم﴾ أي : أنبيائي ﴿بآياتي﴾ التي جاؤوا بها ﴿و﴾ الحال أنكم ﴿لم تحيطوا بها﴾ أي : من جهة تكذيبكم ﴿علماً﴾ أي : من غير فكر ولا نظر يؤدّي إلى الإحاطة بما في معانيها وما أظهرت لأجله حتى تعلموا ما تستحقه وما يليق بها بدليل الأمر به فيه، وأم في قوله تعالى :﴿أم ماذا﴾ منقطعة وتقدّم حكمها، وماذا يجوز أن يكون برمته استفهاماً منصوباً بتعلمون الواقع خبراً عن كنتم، وأن تكون ما استفهامية مبتدأ وذا موصول خبره والصلة ﴿كنتم تعلمون﴾.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٢٠
وعائده محذوف أي : أي شيء الذي كنتم تعملونه.
﴿ووقع القول﴾ أي : وجب العذاب الموعود ﴿عليهم بما ظلموا﴾ أي : بسبب ما وقع منهم من الظلم من صريح التكذيب وما ينشأ عنه من الضلال في الأقوال والأفعال ﴿فهم لا ينطقون﴾ قال قتادة : كيف ينطقون ولا حجة لهم نظير قوله تعالى :﴿هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون﴾ (المرسلات : ٣٥، ٣٦)
وقيل : لا ينطقون لأن أفواههم مختومة، ثم إنه تعالى لما خوّفهم بأحوال القيامة ذكر كلاماً يصلح أن يكون دليلاً على التوحيد والحشر وعلى النبوّة مبالغة في الإرشاد إلى الإيمان والمنع من الكفر فقال.


الصفحة التالية
Icon