وقال ابن مسعود : أيما رجل جلب شيئاً إلى مدينة من مدائن المسلمين صابراً محتسباً، فباعه بسعر يومه كان له عند الله منزلة الشهداء وقرأ ﴿وآخرون﴾ الآية. وقال ابن عمر : ما خلق الله تعالى موتة أموتها بعد الموت في سبيل الله أحب إليّ من الموت بين شعبتي رجل ابتغى من فضل الله ضارباً في الأرض، وقال طاووس : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأعاد قوله تعالى :﴿فاقرؤوا ما تيسر منه﴾ أي : من القرآن للتأكيد.
﴿وأقيموا الصلاة﴾ أي : المكتوبة وهي خمس بجميع الأمور التي تقوم بها من أركانها وشروطها وأبعاضها وهيئاتها ﴿وآتوا الزكاة﴾ أي : زكاة أموالكم. وقال عكرمة وقتادة : صدقة الفطر لأنّ زكاة الأموال وجبت بعد ذلك. وقيل : صدقة التطوع. وقيل : كل فعل خير وقال ابن عباس : طاعة الله تعالى والإخلاص.
﴿وأقرضوا الله﴾ أي : الملك الأعلى الذي له جميع صفات الكمال التي منها الغنى المطلق من أبدانكم وأموالكم في أوقات صحتكم ويساركم ﴿قرضاً حسناً﴾ من نوافل الخيرات كلها برغبة تامّة وعلى هيئة جميلة في ابتدائه وانتهائه. وقال زيد بن أسلم : القرض الحسن النفقة على الأهل. وقيل : صلة الرحم وقرى الضيف. وقال عمر بن الخطاب : هو النفقة في سبيل الله.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٠
وما تقدّموا لأنفسكم﴾ أي : خاصة سلفاً لأجل ما بعد الموت حيث لا تقدرون على الأعمال ﴿من خير﴾ أي خير كان من عبادات البدن والمال ﴿تجدوه﴾ أي : محفوظاً لكم ﴿عند الله﴾ أي : المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿هو﴾ أي : لا غيره ﴿خيراً﴾ أي : لكم وجاز ضمير الفصل بين غير معرفتين ؛ لأن أفعل منه كالمعرفة ولذلك يمتنع دخول أداة التعريف عليها. والمعنى : هو خير من الذي تدخرونه إلى الوصية عند الموت، قاله ابن عباس. وقال الزجاج : خيراً لكم من متاع الدنيا. وروى البغوي بسنده عن عبد الله أنّ رسول الله ﷺ قال :"أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه ؟
قالوا : يا رسول الله ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وراثه.
قال : اعلموا ما تقولون قالوا : ما نعلم إلا ذاك يا رسول الله. قال : إنما مال أحدكم ما قدم
٤٧٢
ومال وارثه ما أخر".
﴿وأعظم أجراً﴾ قال أبو هريرة : يعني الجنة ويحتمل أن يكون أعظم أجراً لإعطائه بالجنة أجراً.
ولما كان الإنسان إذا عمل ما يمدح عليه ولا سيما إذا كان المادح له ربه ربما أدركه الإعجاب بين له أنه لا يقدر بوجه على أن يقدر الله تعالى حق قدره فلا يزال مقصراً فلا يسعه إلا العفو، فقال عز من قائل :﴿واستغفروا الله﴾ أي : اطلبوا وأوجدوا ستر الملك الأعظم الذي لا تحيطون بمعرفته، فكيف بأداء حق خدمته لتقصيركم عيناً وأثراً بفعل ما يرضيه واجتناب ما يسخطه.
﴿إنّ الله﴾ أي : الملك الأعظم ﴿غفور﴾ أي : بالغ الستر لأعيان الذنوب وآثارها حتى لا يكون عنها عقاب ولا عتاب ﴿رحيم﴾ أي : بالغ الإكرام بعد الستر إفضالاً وإحساناً وتشريفاً وامتناناً.
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري إنّ النبيّ ﷺ قال :"من قرأ سورة المزمّل دفع الله عنه العسر في الدنيا والآخرة" حديث موضوع.
٤٧٣
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٠