وروي في فضائل هذه السورة أحاديث كثيرة منها ما روى البخاري عن أبي سعيد الخدري "أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ يردّدها فلما أصبح أتى رسول الله ﷺ فذكر ذلك له، وكان الرجل يتقللها فقال له رسول الله ﷺ "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن". فإن قيل : لم كانت تعدل ثلث القرآن ؟
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧١٣
أجيب : بأن القرآن أنزل أثلاثاً ثلث أحكام، وثلث وعد ووعيد، وثلث أسماء وصفات
٧١٤
فجمعت هذه السورة أحد الأثلاث، وهو الأسماء والصفات. وقيل : إنها تعدل القرآن كله مع قصر متنها وتقارب طرفيها، وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله تعالى وعدله وتوحيده، وكفى بذلك دليلاً لمن اعترف بفضلها.
ومنها ما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي ﷺ بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ في صلاتهم فيختم ب﴿قل هو الله أحد﴾ فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقال : سلوه لأيّ شيء يصنع ذلك ؟
فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها، فقال ﷺ أخبروه أن الله تعالى يحبه".
ومنها ما رواه الترمذي عن أنس بن مالك "أن رسول الله ﷺ سمع رجلاً يقرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ فقال ﷺ وجبت قلت : ما وجبت ؟
قال : الجنة".
ومنها ما روى أنس أيضاً "أن رسول الله ﷺ قال : من قرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ خمسين مرة "غفرت ذنوبه". ومنها ما روى سعيد بن المسيب "أن رسول الله ﷺ قال : من قرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ عشر مرّات بنى الله له قصراً في الجنة، ومن قرأها عشرين مرّة بنى الله له قصرين في الجنة، ومن قرأها ثلاثين مرّة بنى الله له ثلاث قصور في الجنة، فقال عمر : إذن تكثر قصورنا فقال ﷺ أوسع من ذلك".
ومنها ما رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه "أنه ﷺ قال : من قرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ بعد صلاة الصبح اثنتى عشرة مرّة فكأنما قرأ القرآن أربع مرّات، وكان أفضل أهل الأرض يومئذ إذا اتقى". وروي أنه ﷺ قال :"من قرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ "في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره، وأمن من ضغطة القبر، وحملته الملائكة بأكفها حتى تجيزه من الصراط إلى الجنة". وقد أفردت أحاديثها بالتأليف وفي هذا القدر كفاية لأولي الألباب.
ولها أسماء كثيرة، وزيادة الأسماء تدل على شرف المسمى. أحدها : أنها سورة التفريد، ثانيها : سورة التجريد، ثالثها : سورة التوحيد، رابعها : سورة الإخلاص، خامسها : سورة النجاة، سادسها : سورة الولاية، سابعها : سورة النسبة، لقولهم : أنسب لنا ربك، ثامنها : سورة المعرفة، تاسعها : سورة الجمال، عاشرها : سورة المقشقشة، حادي عشرها : سورة المعوذة، ثاني عشرها : سورة الصمد، ثالث عشرها : سورة الأساس، قال : أسست السموات السبع والأرضين السبع على ﴿قل هو الله أحد﴾، رابع عشرها : المانعة لأنها تمنع فتنة القبر ونفحات النار، خامس عشرها : سورة المحتضر لأنّ الملائكة تحضر لاستماعها إذا قرئت، سادس عشرها : المنفرة لأن الشياطين
٧١٥
تنفر عند قراءتها، سابع عشرها : سورة البراءة لأنها براءة من الشرك، ثامن عشرها : المذكرة لأنها تذكر العبد خالص التوحيد، تاسع عشرها : سورة النور لأنها تنوّر القلب المكمل للعشرين سورة الإنسان قال ﷺ "إذا قال العبد : الله، قال الله : دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي". فنسأل الله تعالى أن يجيرنا من عذابه، ويدخلنا الجنة نحن وجميع الأحباب بغير حساب ؛ لأنه كريم حليم وهاب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧١٣
وما رواه البيضاوي من أنها تعدل ثلث القرآن فرواه البخاري، ومن أنه ﷺ سمع رجلاً يقرؤها الخ فرواه الترمذي والنسائي وغيرهما.
٧١٦
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧١٣


الصفحة التالية
Icon