وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :"قال رسول الله ﷺ من سبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وكبر ثلاثاً وثلاثين وحمد اللّه ثلاثاً وثلاثين فذاك تسعة وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" وعنه أيضاً "أنّ فقراء المهاجرين أتوا رسول الله ﷺ فقالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم فقال ﷺ وما ذاك فقالوا : صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال قال أفلا أخبركم بأمر تدركون به من قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتي أحد مثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله تسبحون في دبر كل صلاة عشراً وتحمدون عشراً وتكبرون عشراً". وقوله تعالى :
﴿واستمع﴾ أي : لما أخبرك به من أحوال القيامة فيه تهويل وتعظيم للمخبر به والمحدّث عنه. كما روي عن النبيّ ﷺ أنه قال سبعة أيام لمعاذ بن جبل "يا معاذ اسمع ما أقول ثم حدّثه بعد ذلك" وقوله تعالى ﴿يوم﴾ ظرف لاستمع أي استمع ذلك في يوم ﴿ينادي المنادي﴾ أي : إسرافيل يقف على صخرة ببيت المقدس فينادي بالحشر فيقول : أيتها العظام البالية واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إنّ الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
وقيل : المنادي جبريل ﴿من مكان قريب﴾ بحيث يسمع الصوت من بعد كما يسمعه من قرب يكونون في السماع سواء، لا تفاوت بينهم أصلاً. واختلف في ذلك المكان القريب. فأكثر المفسرين : أنه صخرة بيت المقدس فإنها أقرب الأرض إلى السماء باثني عشر ميلاً وهي وسط الأرض. وقيل : من تحت أقدامهم. وقيل : من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة أيتها العظام البالية. وقوله تعالى :
﴿يوم يسمعون الصيحة﴾ بدل من يوم ينادي والصيحة النفخة الثانية وقوله تعالى :﴿بالحق﴾ حال من الصحية أي متلبسة بالحق أو من الفاعل أي يسمعون ملتبسين بسماع حق ﴿ذلك﴾ أي : اليوم العظيم الذي يظهر به المجد ويعلو بضعفاء المؤمنين الجدّ ﴿يوم الخروج﴾ أي : الذي لا خروج أعظم منه وهو خروجهم من قبورهم من الأرض التي خلقوا منها إلى المحشر وهو من أسماء يوم القيامة.
﴿إنا﴾ أي : بما لنا من العظمة ﴿نحن﴾ أي : خاصة ﴿نحيي ونميت﴾ أي : نجدد ذلك شيئاً بعد شيء سنة مستقرّة وعادة مستمرّة كما تشاهدونه فقد كان منا بالإحياء الأوّل المبدأ ﴿وإلينا﴾ أي :
٨٢
خاصة بالإماتة ثم الأحياء ﴿المصير﴾ أي : في الآخرة. وقيل تقديره نميت في الدنيا ونحيي في الآخرة للبعث. وإلينا المصير بعد البعث وقوله تعالى :
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٨٠
يوم﴾ يدل من يوم قبله وما بينهما اعتراض. وقرأ ﴿تشقق الأرض﴾ نافع وابن كثير وابن عامر بتشديد الشين والباقون بالتخفيف ﴿عنهم﴾ أي : مجاوزة لهم بعد أن كانوا في بطنها فيخرجون منها أحياء كما كانوا على ظهرها أحياء حال كونهم ﴿سراعاً﴾ أي : إجابة منادينا وهو جمع سريع وأشار إلى عظمة الأمر بقوله تعالى ﴿ذلك﴾ أي : الإخراج العظيم جدّاً ﴿حشر﴾ أي : جمع بكره وزاد في بيان عظمة هذا الأمر بدلالته على اختصاصه بتقدم الجار فقال تعالى :﴿علينا﴾ أي : خاصة ﴿يسير﴾ فكيف يتوقف فيه عاقل فضلاً عن أن ينكره وأما غيرنا فلا يمكنه ذلك بوجه. تنبيه : علينا متعلق بيسير ففصل بمعمول الصفة بينها وبين موصوفها ولا يضرّ ذلك. وقال الزمخشريّ : التقديم للاختصاص وهو ما أشرت إليه أي لا يتيسر ذلك إلا على الله تعالى وحده وهو إعادة جواب قولهم ذلك رجع بعيد. وقوله تعالى :
﴿نحن أعلم﴾ أي : عالمون ﴿بما يقولون﴾ أي : في الحال والاستقبال من التكذيب بالبعث وغيره تسلية النبي ﷺ وتهديد لهم ﴿وما أنت عليهم بجبار﴾ أي : بمسلط تجبرهم على الإسلام إنما أنت منذر وقد فعلت ما أمرت به ونحن القادرون على ردهم بما لنا من العلم المحيط وهذا قبل الأمر بالقتال ﴿فذكر﴾ أي : بطريق البشارة والنذارة ﴿بالقرآن﴾ أي : الجامع بمجده لكل خير المحيط بكل صلاح ﴿من يخاف وعيد﴾ فإنه لا ينتفع به غيره وهم المؤمنون. وقرأ ورش بإثبات الياء بعد الدال وصلاً لا وقفاً وحذفها الباقون وصلا ووقفاً وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه ﷺ قال "من قرأ سورة ق هوّن الله عليه ثأرات الموت وسكراته" حديث موضوع وثأرات الموت بمثلثة وهمزة مفتوحة أهواله.
٨٣
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٨٠