المسألة التاسعة عشرة : السواك سنة، وقال داود : واجب ولكن تركه لا يقدح في الصلاة. لنا أن السواك غير مذكور في الآية، ثم حكم بحصول الطهارة بقوله ﴿وَلَـاكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ وإذا حصلت الطهارة حصل جواز الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام :"مفتاح الصلاة الطهارة".
المسألة العشرون : التسمية في أول الوضوء سنة، وقال أحمد وإسحاق : واجبة، وإن تركها عامداً بطلت الطهارة، لنا أن التسمية غير مذكورة في الآية، ثم حكم بحصول الطهارة وقد سبق تقرير هذه الدلالة، ثم تأكد هذا بما روي أنه صلى الله عليه وسلّم قال :"من توضأ فذكر اسم الله عليه كان طهوراً لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهوراً لأعضاء وضوئه".
المسألة الحادية والعشرون : قال بعض الفقهاء : تقديم غسل اليدين على الوضوء واجب، وعندنا أنه سنة وليس بواجب، والاستدلال بالآية كما قررناه في السواك وفي التسمية.
المسألة الثانية والعشرون : حد الوجه من مبدأ سطح الجبهة إلى منتهى الذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، ولفظ الوجه مأخوذ من المواجهة فيجب غسل كل ذلك.
المسألة الثالثة والعشرون : قال ابن عباس رضي الله عنهما : يجب إيصال الماء إلى داخل العين، وقال الباقون لا يجب، حجة ابن عباس أنه وجب غسل كل الوجه لقوله ﴿فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ والعين جزء من الوجه، فوجب أن يجب غسله. حجة الفقهاء أنه تعالى قال في آخر الآية ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ﴾ ولا شك أن في إدخال لماء في العين حرجاً والله أعلم.
جزء : ١١ رقم الصفحة : ٢٩٦
المسألة الرابعة والعشرون : المضمضة والاستنشاق لا يجبان في الوضوء والغسل عند الشافعي رحمه الله، وعند أحمد وإسحاق رحمهما الله واجبان فيهما، وعند أبي حنيفة رحمه الله واجب في الغسل، غير واجب في الوضوء. لنا أنه تعالى أوجب غسل الوجه، والوجه هو الذي يكون مواجهاً وداخل الأنف والفم غير مواجه فلا يكون من الوجه.
إذ ثبت هذا فنقول : إيصال الماء إلى الأعضاء الأربعة يفيد الطهارة لقوله ﴿وَلَـاكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ والطهارة تفيد جواز الصلاة كما بيناه.
المسألة الخامسة والعشرون : غسل البياض الذي بين العذار والأذن واجب عند أبي حنيفة ومحمد والشافعي رحمهم الله، وقال أبو يوسف رحمه الله لا يجب لنا. أنه من الوجه، والوجه يجب غسله بالآية، ولأنا أجمعنا على أنه يجب غسله قبل نبات الشعر، فحيلولة الشعر بينه وبين الوجه لا تسقط كالجبهة لما وجب غسلها قبل نبات شعر الحاجب وجب أيضاً بعده.
المسألة السادسة والعشرون : قال الشافعي رحمه الله : يجب إيصال الماء إلى ما تحت اللحية الخفيفة، وقال أبو حنيفة رحمه الله : لا يجب. لنا أن قوله تعالى :﴿فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ يوجب غسل الوجه، والوجه اسم للجلدة الممتدة من الجبهة إلى الذقن، ترك العمل به عند كثافة اللحية عملاً بقوله ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ (الحج : ٧٨) وعند خفة اللحية لم يحصل هذا الحرج، فكانت الآية دالة على وجوب غسله.
المسألة السابعة والعشرون : هل يجب إمرار الماء على ما نزل من اللحية عن حد الوجه وعلى الخارج منها إلى الأذنين عرضاً ؟
للشافعي رحمه الله فيه قولان : أحدهما : أنه يجب. والثاني : أنه لا يجب، وهو قول مالك وأبي حنيفة والمزني. حجة الشافعي رحمه الله أنا توافقنا على أن في اللحية الكثيفة لا يجب إيصال الماء إلى منابت الشعور وهي الجلد، وإنما أسقطنا هذا التكليف لأنا أقمنا ظاهر اللحية مقام جلدة الوجه في كونه وجهاً، وإذا كان ظاهر اللحية يسمى وجهاً والوجه يجب غسله بالتمام بدليل قوله ﴿فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ لزم بحكم هذا الدليل إيصال الماء إلى ظاهر جميع اللحية.
المسألة الثامنة والعشرون : لو نبت للمرأة لحية يجب إيصال الماء إلى جلدة الوجه وإن كانت تلك اللحية كثيفة، وذلك لأن ظاهر الآية يدل على وجوب غسل الوجه، والوجه عبارة عن الجلدة الممتدة من مبدأ الجبهة إلى منتهى الذقن، تركنا العمل به في حق الرجال دفعاً للحرج/ ولحية المرأة نادرة فتبقى على الأصل.
جزء : ١١ رقم الصفحة : ٢٩٦
واعلم أنه يجب إيصال الماء إلى ما تحت الشعر الكثيف في خمسة مواضع : العنفقة، والحاجبان، والشاربان، والعذاران، وأهداب العين، لأن قوله ﴿فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ يدل على وجوب غسل كل جلد الوجه، ترك العمل به في اللحية الكثيفة دفعاً للحرج، وهذه الشعور خفيفة فلا حرج في إيصال الماء إلى الجلدة، فوجب أن تبقى على الأصل.
المسألة التاسعة والعشرون : قال الشعبي : ما أقبل من الأذن معدود من الوجه فيجب غسله مع الوجه، وما أدبر منه فهو معدود من الرأس فيمسح، وعندنا الأذن ليست البتة من الوجه إذ الوجه ما به المواجهة، والأذن ليست كذلك.