الثالث : قال الأكثرون ﴿الْحَكِيمِ﴾ بمعنى الحاكم، فعيل بمعنى فاعل دليله قوله تعالى :﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَـابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ (البقرة : ٢١٣) فالقرآن كالحاكم في الاعتقادات لتميز حقها عن باطلها، وفي الأفعال لتميز صوابها عن خطئها، وكالحاكم على أن محمداً صادق في دعوى النبوة، لأن المعجزة الكبرى لرسولنا عليه الصلاة والسلام، ليست إلا القرآن الرابع : أن ﴿الْحَكِيمِ﴾ بمعنى المحكم. والأحكام معناه المنع من الفساد، فيكون المراد منه أنه لا يمحوه الماء، ولا تحرقه النار، ولا تغيره الدهور. أو المراد منه براءته عن الكذب والتناقض. الخامس : قال الحسن : وصف الكتاب بالحكيم، لأنه تعالى حكم فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وحكم فيه بالجنة لمن أطاعه وبالنار لمن عصاه، فعلى هذا ﴿الْحَكِيمِ﴾ يكون معناه المحكوم فيه. السادس : أن ﴿الْحَكِيمِ﴾ في أصل اللغة : عبارة عن الذي يفعل الحكمة والصواب، فكان وصف القرآن به مجازاً، ووجه المجاز هو أنه يدل على الحكمة والصواب، فمن حيث أنه يدل على هذه المعاني صار كأنه هو الحكيم في نفسه.
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ١٨٥
المسألة الثانية : في وصف الكتاب بكونه حكيماً وجوه : الأول : أن الحكيم هو ذو الحكمة بمعنى اشتمال الكتاب على الحكمة. الثاني : أن يكون المراد وصف الكلام بصفة من تكلم به. قال الأعشى :
وغريبة تأتي الملوك حكيمة
قد قلتها ليقال من ذا قالها
الثالث : قال الأكثرون ﴿الْحَكِيمِ﴾ بمعنى الحاكم، فعيل بمعنى فاعل دليله قوله تعالى :﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَـابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ (البقرة : ٢١٣) فالقرآن كالحاكم في الاعتقادات لتميز حقها عن باطلها، وفي الأفعال لتميز صوابها عن خطئها، وكالحاكم على أن محمداً صادق في دعوى النبوة، لأن المعجزة الكبرى لرسولنا عليه الصلاة والسلام، ليست إلا القرآن الرابع : أن ﴿الْحَكِيمِ﴾ بمعنى المحكم. والأحكام معناه المنع من الفساد، فيكون المراد منه أنه لا يمحوه الماء، ولا تحرقه النار، ولا تغيره الدهور. أو المراد منه براءته عن الكذب والتناقض. الخامس : قال الحسن : وصف الكتاب بالحكيم، لأنه تعالى حكم فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وحكم فيه بالجنة لمن أطاعه وبالنار لمن عصاه، فعلى هذا ﴿الْحَكِيمِ﴾ يكون معناه المحكوم فيه. السادس : أن ﴿الْحَكِيمِ﴾ في أصل اللغة : عبارة عن الذي يفعل الحكمة والصواب، فكان وصف القرآن به مجازاً، ووجه المجاز هو أنه يدل على الحكمة والصواب، فمن حيث أنه يدل على هذه المعاني صار كأنه هو الحكيم في نفسه.
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ١٨٥
١٨٨
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : أن كفار قريش تعجبوا من تخصيص الله تعالى محمداً بالرسالة والوحي، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك التعجب. أما بيان كون الكفار تعجبوا من هذا التخصيص فمن وجوه : الأول : قوله تعالى :﴿أَجَعَلَ الالِهَةَ إِلَـاهًا وَاحِدًا إِنَّ هَـاذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ * وَانطَلَقَ الْمَلا مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا ا عَلَى ا ءَالِهَتِكُم إِنَّ هَـاذَا لَشَىْءٌ يُرَادُ﴾ (ص : ٥ و٦) وإذا بلغوا في الجهالة إلى أن تعجبوا من كون الإله تعالى واحداً، لم يبعد أيضاً أن يتعجبوا من تخصيص الله تعالى محمداً بالوحي والرسالة والثاني : أن أهل مكة كانوا يقولون : إن الله تعالى ما وجد رسولاً إلى خلقه إلا يتيم أبي طالب والثالث : أنهم قالوا :﴿لَوْلا نُزِّلَ هَـاذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ (الزخرف : ٣١) وبالجملة فهذا التعجب يحتمل وجهين : أحدهما : أن يتعجبوا من أن يجعل الله بشراً رسولاً، كما حكي عن الكفار أنهم قالوا :﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولا﴾ (الإسراء : ٩٤) والثاني : أن لا يتعجبوا من ذلك بل يتعجبوا من تخصيص محمد عليه الصلاة والسلام بالوحي والنبوة مع كونه فقيراً يتيماً، فهذا بيان أن الكفار تعجبوا من ذلك. وأما بيان أن الله تعالى أنكر عليهم هذا التعجب فهو قوله في هذه الآية :﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ﴾ فإن قوله :﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا﴾ لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه الإنكار، لأن يكون ذلك عجباً. وإنما وجب إنكار هذا التعجب لوجوه : الأول : أنه تعالى مالك الخلق وملك لهم والمالك والملك هو الذي له الأمر والنهي والإذن والمنع. ولا بد من إيصال تلك التكاليف إلى أولئك المكلفين بواسطة بعض العباد. وإذا كان الأمر كذلك كان إرسال الرسول أمراً غير ممتنع، بل كان مجوزاً في العقول. الثاني : أنه تعالى خلق الخلق للاشتغال بالعبودية كما قال :
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ١٨٨