﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنابَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنابُلَةٍ مِّا ئَةُ حَبَّةٍ ﴾ (البقرة : ٢٦١). العاشرة : حياتها بعد موتها ؛ قال تعالى :﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَآءَ إِلَى الارْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِه زَرْعًا﴾ (السجدة : ٢٧) وقال :﴿وَءَايَةٌ لَّهُمُ الارْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَـاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ﴾ (يس : ٣٣) الحادية عشرة : ما عليها من الدواب المختلفة الألوان والصور والخلق، وإليه الإشارة بقوله :﴿خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى الارْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ ﴾ (لقمان : ١٠). والثانية عشر : ما فيها من النبات المختلف ألوانه وأنواعه ومنافعه، وإليه الإشارة بقوله :﴿وَأَنابَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجا بَهِيجٍ﴾ (ق : ٧) فاختلاف ألوانها دلالة، واختلاف طعومها دلالة، واختلاف روائحها دلالة، فمنها قوت البشر، ومنها قوت البهائم، كما قال :﴿كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَـامَكُمْ ﴾ (طه : ٥٤) أما مطعوم البشر، فمنها الطعام، ومنها الأدام، ومنها الدواء، ومنها الفاكهة، ومنها الأنواع المختلفة في الحلاوة والحموضة. قال تعالى :﴿وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآاـاِلِينَ﴾ (فصلت : ١٠) وأيضاً فمنها كسوة البشر، لأن الكسوة إما نباتية، وهي القطن والكتان، وإما حيوانية وهي الشعر والصوف والإبريسم والجلود، وهي من الحيوانات التي بثها الله تعالى في الأرض، فالمطعوم من الأرض، والملبوس من الأرض. ثم قال :﴿وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ وفيه إشارة إلى منافع كثيرة لا يعلمها إلا الله تعالى. ثم إنه سبحانه وتعالى جعل الأرض ساترة لقبائحك بعد مماتك، فقال :﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الارْضَ كِفَاتًا﴾ (المرسلات : ٢٥) ثم إنه سبحانه وتعالى جمع هذه المنافع العظيمة للسماء والأرض فقال :﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ﴾ (الجاثية : ١٣). الثالثة عشرة : ما فيها من الأحجار المختلفة، ففي صغارها ما يصلح للزينة فتجعل فصوصها للخواتم وفي كبارها ما يتخذ للأبنية، فانظر إلى الحجر الذي تخرج النار منه مع كثرته، وانظر إلى الياقوت الأحمر مع عزته. ثم انظر إلى كثرة النفع بذلك الحقير، وقلة النفع بهذا الشريف. الرابعة عشرة : ما أودع الله تعالى فيها من المعادن الشريفة، كالذهب والفضة، ثم تأمل فإن البشر استخرجوا الحرف الدقيقة والصنائع الجليلة واستخرجوا السمكة من قعر البحر، واستنزلوا الطير من أوج الهواء ثم عجزوا عن إيجاد الذهب والفضة، والسبب فيه أنه لا فائدة في وجودهما إلا الثمينة، وهذه الفائدة لا تحصل إلا عند العزة فالقادر على إيجادهما يبطل هذه الحكمة، فلذلك ضرب الله دونهما باباً مسدوداً، إظهار لهذه الحكمة وإبقاء لهذه النعمة، ولذلك فإن ما لا مضرة على الخلق فيه مكنهم منه فصاروا متمكنين من اتخاذ الشبه من النحاس، والزجاج من الرمل، وإذا تأمل العاقل في هذه اللطائف والعجائب اضطر في افتقار هذه التدابير إلى صانع حكيم مقتدر عليم سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً. الخامسة عشرة : كثرة ما يوجد على الجبال والأراضي من الأشجار التي تصلح للبناء، والسقف، ثم الحطب. وما أشد الحاجة إليه في الخبز والطبخ قد نبه الله تعالى على دلائل الأرض ومنافعها بألفاظ لا يبلغها البلغاء ويعجز عنها الفصحاء فقال :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٩
﴿وَهُوَ الَّذِى مَدَّ الارْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَـارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾ (الرعد : ٣) وأما الأنهار فمنها العظيمة كالنيل، وسيحون، وجيحون، والفرات، ومنها الصغار، وهي كثيرة وكلها تحمل مياهاً عذبة للسقي والزراعة وسائر الفوائد.