ص : ٢٧)/ والثالث : أنه تعالى جعل السماء قبلة الدعاء : فالأيدي ترفع إليها، والوجوه تتوجه نحوها، وهي منزل الأنوار ومحل الصفاء والأضواء والطهارة والعصمة عن الخلل والفساد. الرابع : قال بعضهم السماوات والأرضون على صفتين، فالسماوات مؤثرة غير متأثرة. والأرضون متأثرة غير مؤثرة / والمؤثر أشرف من القابل، فلهذا السبب قدم ذكر السماء على الأرض في الأكثر، وأيضاً ففي أكثر الأمر ذكر السموات بلفظ الجمع، والأرض بلفظ الواحد، فإنه لا بدّ من السموات الكثيرة ليحصل بسببها الاتصالات المختلفة للكواكب وتغير مطارح الشعاعات، وأما الأرض فقابلة فكانت الأرض الواحدة كافية. الخامس : تفكر في لون السماء وما فيه من صواب التدبير، فإن هذا اللون أشد الألوان موافقة للبصر وتقوية له، حتى أن الأطباء يأمرون من أصابه وجع العين بالنظر إلى الزرقة، فانظر كيف جعل الله تعالى أديم السماء ملوناً بهذا اللون الأزرق، لتنتفع به الأبصار الناظرة إليها، فهو سبحانه وتعالى جعل لونها أنفع الألوان، وهو المستنير وشكلها أفضل الأشكال، وهو المستدير، ولهذا قال :﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَـاهَا وَزَيَّنَّـاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ﴾ يعني ما فيها من فصول، ولو كانت سقفاً غير محيط بالأرض لكانت الفروج حاصلة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٩


الصفحة التالية
Icon