الثالث : قوله صلى الله عليه وسلّم :"رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره" ولم يفرق بين شيء وشيء فيما يقسم به على الله. الخبر الرابع : روى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم :"بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه البقرة فقالت : إني لم أخلق لهذا، وإنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما". الخبر الخامس : عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال :"بينما رجل يسمع رعداً أو صوتاً في السحاب : أن اسق حديقة فلان، قال فعدوت إلى تلك الحديقة فإذا رجل قائم فيها فقلت له ما اسمك ؟
قال : فلان بن فلان بن فلان قلت : فما تصنع بحديقتك هذه إذا صرمتها ؟
قال : ولم تسأل عن ذلك ؟
قلت : لأني سمعت صوتاً في السحاب أن اسق حديقة فلان، قال : أما إذ قلت فإني أجعلها أثلاثاً فأجعل لنفسي وأهلي ثلثاً وأجعل للمساكين وابن السبيل ثلثاً وأنفق عليها ثلثاً". "أما الآثار" فلنبدأ بما نقل أنه ظهر عن الخلفاء الراشدين من الكرامات ثم بما ظهر عن سائر الصحابة، أما أبو بكر رضي الله عنه فمن كراماته أنه لما حملت جنازته إلى باب قبر النبي صلى الله عليه وسلّم ونودي السلام عليك يا رسول الله هذا أبو بكر بالباب فإذا الباب قد انفتح وإذا بهاتف يهتف من القبر ادخلوا الحبيب إلى الحبيب، وأما عمر رضي الله عنه فقد ظهرت أنواع كثيرة من كراماته وأحدها ما روي أنه بعث جيشاً وأمر عليهم رجلاً يدعى سارية بن الحصين فبينا عمر يوم الجمعة يخطب جعل يصيح في خطبته وهو على المنبر : يا سارية الجبل الجبل قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فكتبت تاريخ تلك الكلمة فقدم رسول مقدم الجيش فقال : يا أمير المؤمنين غزونا يوم الجمعة في وقت الخطبة فهزمونا فإذا بإنسان يصيح يا سارية الجبل الجبل فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزم الله الكفار وظفرنا بالغنائم العظيمة ببركة ذلك الصوت قلت سمعت بعض / المذكرين قال : كان ذلك معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلّم لأنه قال لأبي بكر وعمر أنتما مني بمنزلة السمع والبصر فلما كان عمر بمنزلة البصر لمحمد صلى الله عليه وسلّم، لا جرم قدر على أن يرى من ذلك البعد العظيم. الثاني : روي أن نيل مصر كان في الجاهلية يقف في كل سنة مرة واحدة وكان لا يجري حتى يلقى فيه جارية واحدة حسناء، فلما جاء الإسلام كتب عمرو بن العاص بهذه الواقعة إلى عمر، فكتب عمر على خزفة : أيها النيل إن كنت تجري بأمر الله فاجر، وإن كنت تجري بأمرك فلا حاجة بنا إليك فألقيت تلك الخزفة في النيل فجرى ولم يقف بعد ذلك. الثالث : وقعت الزلزلة في المدينة فضرب عمر الدرة على الأرض وقال : اسكني بإذن الله فسكنت وما حدثت الزلزلة بالمدينة بعد ذلك. الرابع : وقعت النار في بعض دور المدينة فكتب عمر على خزفة : يا نار اسكني بإذن الله فألقوها في النار فانطفأت في الحال. الخامس : روى أن رسول ملك الروم جاء إلى عمر فطلب داره فظن أن داره مثل قصور الملوك فقالوا : ليس له ذلك، وإنما هو في الصحراء يضرب اللبن فلما ذهب إلى الصحراء رأى عمر رضي الله عنه وضع درته تحت رأسه ونام على التراب، فعجب الرسول من ذلك وقال : إن أهل الشرق والغرب يخافون من هذا الإنسان وهو على هذه الصفة ثم قال في نفسه : إني وجدته خالياً فأقتله وأخلص الناس منه. فلما رفع السيف أخرج الله من الأرض أسدين فقصداه فخاف وألقى السيف من يده وانتبه عمر ولم ير شيئاً فسأله عن الحال فذكر له الواقعة وأسلم. وأقول هذه الوقائع رويت بالآحاد، وههنا ما هو معلوم بالتواتر وهو أنه مع بعده عن زينة الدنيا واحترازه عن التكلفات والتهويلات ساس الشرق والغرب وقلب الممالك والدول لو نظرت في كتب التواريخ علمت أنه لم يتفق لأحد من أول عهد آدم إلى الآن ما تيسر له فإنه مع غاية بعده عن التكلفات كيف قدر على تلك السياسات/ ولا شك أن هذا من أعظم الكرامات. وأما عثمان رضي الله عنه فروى أنس قال : سرت في الطريق فرفعت عيني إلى امرأة ثم دخلت على عثمان فقال : ما لي أراكم تدخلون علي وآثار الزنا ظاهرة عليكم ؟
فقلت : أجاء الوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال لا ولكن فراسة صادقة. الثاني : أنه لما طعن بالسيف فأول قطرة من دمه سقطت وقعت على المصحف على قوله تعالى :
جزء : ٢١ رقم الصفحة : ٤٤١


الصفحة التالية
Icon