القصص : ٥٦) وهداية الروح لما كانت من القرآن فتارة تحصل وأخرى لا تحصل :﴿يُضِلُّ بِه كَثِيرًا وَيَهْدِي بِه كَثِيرًا ﴾ (البقرة : ٢٦) أما هداية القلب فلما كانت من الله تعالى فإنها لا تزول لأن الهادي لا يزول :﴿وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (يونس : ٢٥). وخامسها : الكتابة :﴿ أولئك كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الايمَـانَ﴾ (المجادلة : ٢٢) فلما رغب موسى عليه السلام في تلك الكتابة قال :﴿رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى﴾ وفيه نكت : الأولى : أن الكاغدة ليس لها خطر عظيم وإذا كتب فيها القرآن لم يجز إحراقها فقلب المؤمن كتب فيه جميع أحكام ذات الله تعالى وصفاته فكيف يليق بالكريم إحراقه. الثانية : بشر الحافي أكرم كاغداً فيه اسم الله تعالى فنال سعادة الدارين فإكرام قلب فيه معرفة الله تعالى أولى بذلك. والثالثة : كاغد ليس فيه خط إذا كتب فيه اسم الله الأعظم عظم قدره حتى أنه لا يجوز للجنب والحائض أن يمسه بل قال الشافعي رحمه الله تعالى ليس له أن يمس جلد المصحف، وقال الله تعالى :﴿لا يَمَسُّه ا إِلا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة : ٧٩) فالقلب الذي فيه أكرم المخلوقات :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ﴾ (الإسراء : ٧٠) كيف يجوز للشيطان الخبيث أن يمسه والله أعلم. وسادسها : السكينة :﴿هُوَ الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الفتح : ٤) فلما رغب موسى عليه السلام في طلب السكينة قال :﴿رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى﴾ والنكتة أن أبا بكر رضي الله عنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان خائفاً فلما نزلت السكينة عليه قال : لا تحزن فلما نزلت سكينة / الإيمان فرجوا أن يسمعوا خطاب :﴿أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا ﴾ (فصلت : ٣٠) وأيضاً لما نزلت السكينة صار من الخلفاء :﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الارْضِ﴾ (النور : ٥٥) أي أن يصيروا خلفاء الله في أرضه. وسابعها : المحبة والزينة :﴿وَلَـاكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الايمَـانَ وَزَيَّنَه فِى قُلُوبِكُمْ﴾ (
جزء : ٢٢ رقم الصفحة : ٤٦


الصفحة التالية
Icon