العبد الصالح أبو يوسف ولم أذكر اسمه
جزء : ٢٣ رقم الصفحة : ٣٤٢
﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ (يوسف : ١٨) قالت ثم تحولت واضطجعت على فراشي، وأنا والله أعلم أن الله تعالى يبرئني ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحياً يتلى فشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها. قالت فوالله ما قام رسول الله من مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله الوحي على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه عند نزول الوحي حتى إنه ليتحدر عنه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل الوحي، فسجى بثوب ووضعت وسادة تحت رأسه فوالله ما فرغت ولا باليت لعلمي ببراءتي، وأما أبواي فوالله ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى ظننت أن نفسي أبوي ستخرجان فرقاً من أن يأتي الله بتحقيق ما قال الناس، فلما سرى عنه وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : ابشري يا عائشة أما والله لقد برأك الله. فقلت بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد أصحابك، فقالت أمي قومي إليه، فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد أحداً إلا الله أنزل براءتي، فأنزل الله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ جَآءُو بِالافْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ ﴾ العشر آيات، فقال أبو بكر والله لا أنفق على مسطح بعد هذا وكان ينفق عليه لقرابته منه وفقره، فأنزل الله تعالى :﴿وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ﴾ إلى قوله :﴿أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ (النور : ٢٢) فقال أبو بكر : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع النفقة على مسطح قالت فلما نزل عذري قام رسول الله صلى الله عليه وسلّم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل ضرب عبدالله بن أبي ومسطحاً وحمنة وحسان الحد".
واعلم أنه سبحانه وتعالى لما ذكر القصة وذكر حال المقذوفين والقاذفين عقبها بما يليق بها من الآداب والزواجر، وهي أنواع :
النوع الأول
جزء : ٢٣ رقم الصفحة : ٣٤٢
﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ (يوسف : ١٨) قالت ثم تحولت واضطجعت على فراشي، وأنا والله أعلم أن الله تعالى يبرئني ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحياً يتلى فشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها. قالت فوالله ما قام رسول الله من مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله الوحي على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه عند نزول الوحي حتى إنه ليتحدر عنه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل الوحي، فسجى بثوب ووضعت وسادة تحت رأسه فوالله ما فرغت ولا باليت لعلمي ببراءتي، وأما أبواي فوالله ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى ظننت أن نفسي أبوي ستخرجان فرقاً من أن يأتي الله بتحقيق ما قال الناس، فلما سرى عنه وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : ابشري يا عائشة أما والله لقد برأك الله. فقلت بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد أصحابك، فقالت أمي قومي إليه، فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد أحداً إلا الله أنزل براءتي، فأنزل الله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ جَآءُو بِالافْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ ﴾ العشر آيات، فقال أبو بكر والله لا أنفق على مسطح بعد هذا وكان ينفق عليه لقرابته منه وفقره، فأنزل الله تعالى :﴿وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ﴾ إلى قوله :﴿أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ (النور : ٢٢) فقال أبو بكر : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع النفقة على مسطح قالت فلما نزل عذري قام رسول الله صلى الله عليه وسلّم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل ضرب عبدالله بن أبي ومسطحاً وحمنة وحسان الحد".
واعلم أنه سبحانه وتعالى لما ذكر القصة وذكر حال المقذوفين والقاذفين عقبها بما يليق بها من الآداب والزواجر، وهي أنواع :
النوع الأول
جزء : ٢٣ رقم الصفحة : ٣٤٢
٣٤٢
وهذا من جملة الآداب التي كان يلزمهم الإتيان بها، و﴿لَّوْلا﴾ معناه هلا وذلك كثير في اللغة إذا كان يليه الفعل كقوله :﴿لَوْلا أَخَّرْتَنِى ﴾ (المنافقون : ١٠) وقوله :﴿فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ﴾ (يونس : ٩٨) فأما إذا وليه الاسم فليس كذلك كقوله :﴿لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ (سبأ : ٣١) وقوله :﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُه ﴾ (انور : ١٠) والمراد كان الواجب على المؤمنين إذ سمعوا قول القاذف أن يكذبوه ويشتغلوا بإحسان الظن ولا يسرعوا إلى التهمة فيمن عرفوا فيه الطهارة، وههنا سؤالات :


الصفحة التالية
Icon