السؤال الرابع : كم عدد الاستئذان الجواب : روى أبو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :"الاستئذان" ثلاث بالأولى يستنصتون، وبالثانية يستصلحون، وبالثالثة يأذنون أو يردون" وعن جندب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :"إذا استأذن أحدكم ثلاثاً، فلم يؤذن له فليرجع" وعن أبي سعيد الخدري قال :"كنت جالساً في مجلس من مجالس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعاً، فقلنا له ما أفزعك ؟
فقال أمرني عمر أن آتيه فأتيته، فاستأذنت ثلاثاً، فلم يؤذن لي فرجعت، فقال ما منعك أن تأتيني ؟
فقلت قد جئت فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي. وقد قال عليه الصلاة والسلام : إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع فقال لتأتيني على هذا بالبينة، أو لأعاقبنك. فقال أبي لا يقوم معك إلا أصغر القوم، قال فقام أبو سعيد فشهد له" وفي بعض الأخبار أن عمر قال لأبي موسى إني لم أتهمك، ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وعن قتادة الاستئذان ثلاثة : الأولى يسمع الحي، والثاني ليتأهبوا والثالث إن شاءوا أذنوا، وإن شاءوا ردوا، واعلم أن هذا من محاسن الآداب، لأن في أول مرة / ربما منعهم بعض الأشغال من الإذن، وفي المرة الثانية ربما كان هناك ما يمنع أو يقتضي المنع أو يقتضي التساوي، فإذا لم يجب في الثالثة يستدل بعدم الإذن على مانع ثابت، وربما أوجب ذلك كراهة قربه من الباب فلذلك يسن له الرجوع، ولذلك يقول يجب في الاستئذان ثلاثاً، أن لا يكون متصلاً، بل يكون بين كل واحدة والأخرى وقت، فأما قرع الباب بعنف والصياح بصاحب الدار، فذاك حرام لأنه يتضمن الإيذاء والإيحاش، وكفى بقصة بني أسد زاجرة وما نزل فيها من قوله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ (الحجرات : ٤).
جزء : ٢٣ رقم الصفحة : ٣٦٨
السؤال الخامس : كيف يقف على الباب الجواب : روي أن أبا سعيد استأذن على الرسول صلى الله عليه وسلّم وهو مستقبل الباب، فقال عليه الصلاة والسلام : لا تستأذن وأنت مستقبل الباب. وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول السلام عليكم، وذلك لأن الدور لم يكن عليها حينئذ ستور.
السؤال السادس : أن كلمة (حتى) للغاية والحكم بعد الغاية يكون بخلاف ما قبلها فقوله :﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ﴾ يقتضي جواز الدخول بعد الاستئذان وإن لم يكن من صاحب البيت إذن فما قولكم فيه ؟
الجواب : من وجوه : أحدها : أن الله تعالى جعل الغاية الاستئناس لا الاستئذان، والاستئناس لا يحصل إلا إذا حصل الإذن بعد الاستئذان وثانيها : أنا لما علمنا بالنص أن الحكمة في الاستئذان أن لا يدخل الإنسان على غيره بغير إذنه فإن ذلك مما يسوءه، وعلمنا أن هذا المقصود لا يحصل إلا بعد حصول الإذن، علمنا أن الاستئذان ما لم يتصل به الإذن وجب أن لا يكون كافياً وثالثها : أن قوله تعالى :﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَآ أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾ فحظر الدخول إلا بإذن، فدل على أن الإذن مشروط بإباحة الدخول في الآية الأولى، فإن قيل إذا ثبت أنه لا بد من الإذن فهل يقوم مقامه غيره أم لا ؟
قلنا روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال :"رسول الرجل إلى الرجل إذنه" وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال :"إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن" وهذا الخبر يدل على معنيين أحدهما : أن الإذن محذوف من قوله :﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ﴾ وهو المراد منه والثاني : أن الدعاء إذن إذا جاء مع الرسول وأنه لا يحتاج إلى استئذن ثان، وقال بعضهم إن من قد جرت العادة له بإباحة الدخول فهو غير محتاج إلى الاستئذان.


الصفحة التالية
Icon