وأما قوله :﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ فهو عبارة تامة في معرفة المعاد وهو أنه لا بد من مصير الكل إليه سبحانه، وله وجه آخر وهو أن الوجود يبدأ من الأشرف فالأشرف نازلاً إلى الأخس فالأخس ثم يأخذ من الأخس فالأخس مترقياً إلى الأشرف فالأشرف، فإنه يكون جسماً ثم يصيره موصوفاً بالنباتية ثم الحيوانية ثم الإنسانية ثم الملكية ثم ينتهي إلى واجب الوجود لذاته، فالاعتبار الأول هو قوله :﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ والثاني هو قوله :﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾.
اعلم أن هذا هو النوع الثاني من الدلائل وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قوله :﴿أَلَمْ تَرَ﴾ بعين عقلك والمراد التنبيه والإزجاء السوق قليلاً قليلاً، ومنه البضاعة المزجاة التي يزجيها كل أحد وإزجاء السير في الإبل الرفق بها حتى تسير شيئاً فشيئاً ثم يؤلف بينه، قال الفراء (بين) لا يصلح إلا مضافاً إلى اسمين فما زاد، وإنما قال ﴿بَيْنَه ﴾ لأن السحاب واحد في اللفظ، ومعناه الجمع والواحد سحابة، قال الله تعالى :﴿وَيُنشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ (الرعد : ١٢) والتأليف ضم شيء إلى شيء أي يجمع بين قطع السحاب فيجعلها سحاباً واحداً ﴿ثُمَّ يَجْعَلُه رُكَامًا﴾ أي مجتمعاً، والركم جمعك شيئاً فوق شيء حتى تجعله مركوماً، والودق : المطر، قاله ابن عباس وعن مجاهد : القطر، وعن أبي مسلم الأصفهاني : الماء. ﴿مِنْ خِلَـالِه ﴾ من (شقوقه ومخارقه) جمع خلل كجبال في جمع جبل، وقرىء ﴿مِنْ﴾.
جزء : ٢٤ رقم الصفحة : ٤٠٦


الصفحة التالية
Icon