المسألة السادسة : قوله بين ذلك أي ﴿بَيْنَ ذَالِكَ﴾ المذكور وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة ثم يشير إليها بذلك ويحسب الحاسب أعداداً متكاثرة، ثم يقول فذلك كيت وكيت على معنى فذلك المحسوب أو المعدود.
أما قوله :﴿وَكُلا ضَرَبْنَا لَهُ الامْثَـالَ ﴾ فالمراد بينا لهم وأزحنا عللهم فلما كذبوا تبرناهم تتبيراً ويحتمل ﴿وَكُلا ضَرَبْنَا لَهُ الامْثَـالَ ﴾ بأن أجبناهم عما أوردوه من الشبه في تكذيب الرسل كما أورده قومك يا محمد، فلما لم ينجع فيه تبرناهم تتبيراً، فحذر تعالى بذلك قوم محمد صلى الله عليه وسلّم في الاستمرار على تكذيبه لئلا ينزل بهم مثل الذي نزل بالقوم عاجلاً وآجلاً.
المسألة السابعة :(كلاً) الأول منصوب بما دل عليه ﴿ضَرَبْنَا لَهُ الامْثَـالَ ﴾ وهو أنذرنا أو حذرنا، والثاني بتبرنا لأنه فارغ له.
المسألة الثامنة : التتبير التفتيت والتكسير، ومنه التبر وهو كسارة الذهب والفضة والزجاج.
القصة الرابعة ـ قصة لوط عليه السلام
جزء : ٢٤ رقم الصفحة : ٤٦١
٤٦٤
واعلم أنه تعالى أراد بالقرية سدوم من قرى قوم لوط عليه السلام وكانت خمساً أهلك الله تعالى أربعاً بأهلها وبقيت واحدة، و(مطر السوء) الحجارة يعني أن قريشاً مروا مراراً كثيرة في متاجرهم إلى الشأم على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة من السماء، ﴿أَفَلَمْ يَكُونُوا ﴾ في (مرار) مرورهم ينظرون إلى آثار عذاب الله تعالى ونكاله (ويذَّكرون) ﴿بَلْ كَانُوا ﴾ قوماً كفرة ﴿لا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾ وذكروا في تفسير ﴿يَرْجُونَ﴾ وجوها : أحدها : وهو الذي قاله القاضي وهو الأقوى أنه محمول على حقيقة الرجاء لأن الإنسان لا يتحمل متاعب التكاليف ومشاق النظر والاستدلال إلا لرجاء ثواب الآخرة فإذا لم يؤمن بالآخرة لم يرج ثوابها فلا يتحمل تلك المشاق والمتاعب وثانيها : معناه لا يتوقعون نشوراً (وعاقبة)، فوضع الرجاء موضع التوقع لأنه إنما يتوقع العاقبة من يؤمن، وثالثها : معناه لا يخافون على اللغة التهامية، وهو ضعيف والأول هو الحق.
جزء : ٢٤ رقم الصفحة : ٤٦٤
٤٧٣
اعلم أنه سبحانه لما بين مبالغة المشركين في إنكار نبوته وفي إيراد الشبهات في ذلك، بين بعد ذلك أنهم إدا رأوا الرسول اتخذوه هزواً فلم يقتصروا على ترك الإيمان به بل زادوا عليه بالاستهزاء والاستحقار، ويقول بعضهم لبعض ﴿أَهَـاذَا الَّذِى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال صاحب "الكشاف" (إنْ) الأولى نافية والثانية مخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينهما.
المسألة الثانية : جواب (إذا) هو ما أضمر من القول يعني وإذا رأوك مستهزئين قالوا أبعث الله هذا رسولاً، وقوله :﴿إِن يَتَّخِذُونَكَ﴾ جملة اعترضت بين (إذا) وجوابها.
المسألة الثالثة : اتخذوه هزواً في معنى استهزؤا به والأصل اتخذوه موضع هزء أو مهزوءاً به.
جزء : ٢٤ رقم الصفحة : ٤٧٣


الصفحة التالية
Icon