الأعراف : ١، ٢)، ﴿يس * وَالْقُرْءَانِ﴾ (يس : ١، ٢)، ﴿ا وَالْقُرْءَانِ﴾ (ص : ١) ﴿قا وَالْقُرْءَانِ﴾ (ق : ١)، ﴿الاـم * تَنزِيلُ الْكِتَـابِ﴾ (السجدة : ١، ٢)، ﴿حم * تَنزِيلُ الْكِتَـابِ﴾ (الجاثية : ١، ٢) إلا ثلاث سور (مريم : ١)، ﴿الاـم * أَحَسِبَ النَّاسُ﴾، ﴿الاـم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (الروم : ١، ٢) والحكمة في افتتاح السور التي فيها القرآن أو التنزيل أو الكتاب بالحروف هي أن القرآن عظيم والإنزال له ثقل والكتاب له عبء كما قال تعالى :﴿إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا﴾ (المزمل : ٥) وكل سورة في أولها ذكر القرآن والكتاب والتنزيل قدم عليها منبه يوجب ثبات المخاطب لاستماعه، لا يقال كل سورة قرآن واستماعه استماع القرآن سواء كان فيها ذكر القرآن لفظاً أو لم يكن، فكان الواجب أن يكون في أوائل كل سورة منبه، وأيضاً فقد وردت / سورة فيها ذكر الإنزال والكتاب ولم يذكر قلبها حروف كقوله تعالى :﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَـابَ﴾ (الكهف : ١) وقوله :﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَـاهَا﴾ (النور : ١) وقوله :﴿تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ﴾ (الفرقان : ١) وقوله :﴿إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ (القدر : ١) لأنا نقول جواباً عن الأول لا ريب في أن كل سورة من القرآن لكن السورة التي فيها ذكر القرآن والكتاب مع أنها من القرآن تنبه على كل القرآن فإن قوله تعالى :﴿طه * مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ﴾ (ط : ١، ٢) مع أنها بعض القرآن فيها ذكر جميع القرآن فيصير مثاله مثال كتاب يرد من ملك على مملوكه فيه شغل ما، وكتاب آخر يرد منه عليه فيه : إنا كتبنا إليك كتباً إليك كتباً فيها أوامرنا فامتثلها، لا شك أن عبء الكتاب الآخر أكثر من ثقل الأول وعن الثاني أن قوله :﴿الْحَمْدُ لِلَّه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ تسبيحات مقصودة وتسبيح الله لا يغفل عنه العبد فلا يحتاج إلى منبه بخلاف الأوامر والنواهي، وأما ذكر الكتاب فيها فلبيان وصف عظمة من له التسبيح ﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَـاهَا﴾ قد بينا أنها من القرآن فيها ذكر انزالها وفي السورة التي ذكرناها ذكر جميع القرآن فهو أعظم في النفس وأثقل.
جزء : ٢٥ رقم الصفحة : ٢٧
وأما قوله تعالى :﴿إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ﴾ فنقول هذا ليس وارداً على مشغول القلب بشيء غيره بدليل أنه ذكر الكناية فيها وهي ترجع إلى مذكور سابق أو معلوم وقوله :﴿إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ﴾ الهاء راجع إلى معلوم عند النبي صلى الله عليه وسلّم فكان متنبهاً له فلم ينبه، واعلم أن التنبيه قد حصل في القرآن بغير الحروف التي لا يفهم معناها كما في قوله تعالى :﴿تَصِفُونَ * يَـا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ﴾ (الحج : ١) وقوله ﴿مُّنتَظِرُونَ * يَـا أَيُّهَا النَّبِىُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ (لأحزاب : ١) ﴿عِلْمَا * يَـا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ﴾ (التحريم : ١) لأنها أشياء هائلة عظيمة، فإن تقوى الله حق تقاته أمر عظيم فقدم عليها النداء الذي يكون للبعيد الغافل عنها تنبيهاً، وأما هذه السورة افتتحت بالحروف وليس فيها الإبتداء بالكتاب والقرآن، وذلك لأن القرآن ثقله وعبئه بما فيه من التكاليف والمعاني/ وهذه السورة فيها ذكر جميع التكاليف حيث قال :﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا﴾ يعني لا يتركون بمجرد ذلك بل يؤمرون بأنواع من التكاليف فوجد المعنى الذي في السور التي فيها ذكر القرآن المشتمل على الأوامر والنواهي فإن قيل مثل هذا الكلام، وفي معناه ورد في سورة التوبة وهو قوله تعالى :﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَـاهَدُوا مِنكُمْ﴾ (التوبة : ١٦) ولم يقدم عليه حروف التهجي فنقول الجواب عنه في غاية الظهور، وهو أن هذا ابتداء كلام، ولهذا وقع الاستفهام بالهمزة فقال ﴿أَحَسِبَ﴾ وذلك وسط كلام بدليل وقوع الاستفهام بأم والتنبيه يكون في أول الكلام لا في أثنائه، وأما ﴿الاـم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (الروم : ١، ٢) فسيجيء في موضعه إن شاء الله تعالى هذا تمام الكلام في الحروف.
المسألة الثالثة : في إعراب ﴿الاـم ﴾ وقد ذكر تمام ذلك في سورة البقرة مع الوجوه المنقولة في تفسيره ونزيد ههنا على ما ذكرناه أن الحروف لا إعراب لها لأنها جارية مجرى الأصوات المنبهة.
جزء : ٢٥ رقم الصفحة : ٢٧