ما يلج في الأرض من الحبة والأموات ويخرج منها من السنابل والأحياء وما ينزل من السماء / من أنواع رحمته منها المطر ومنها الملائكة ومنها القرآن، وما يعرج فيها منها الكلم الطيب لقوله تعالى :﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ ومنها الأرواح ومنها الأعمال الصالحة لقوله :﴿وَالْعَمَلُ الصَّـالِحُ يَرْفَعُه ﴾ (فاطر : ١٠) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قدم ما يلج في الأرض على ما ينزل من السماء، لأن الحبة تبذر أولاً ثم تسقى ثانياً.
المسألة الثانية : قال وما يعرج فيها ولم يقل يعرج إليها إشارة إلى قبول الأعمال الصالحة ومرتبة النفوس الزكية وهذا لأن كلمة إلى للغاية، فلو قال وما يعرج إليها لفهم الوقوف عند السموات فقال :﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ﴾ ليفهم نفوذها فيها وصعودها منها ولهذا قال في الكلم الطيب :﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ لأن الله هو المنتهى ولا مرتبة فوق الوصول إليه، وأما السماء فهي دنيا وفوقها المنتهى.
المسألة الثالثة : قال :﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾ رحيم بالإنزال حيث ينزل الرزق من السماء، غفور عندما تعرج إليه الأرواح والأعمال فرحم أولاً بالإنزال وغفر ثانياً عند العروج.
ثم بين أن هذه النعمة التي يستحق الله بها الحمد وهي نعمة الآخرة أنكرها قوم فقال تعالى :﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ﴾ ثم رد عليهم وقال :﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَة قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَـالِمِ الْغَيْبِا لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَـاوَاتِ وَلا فِى الارْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَالِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِى كِتَـابٍ مُّبِينٍ * لِّيَجْزِىَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِا أولئك لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾.
جزء : ٢٥ رقم الصفحة : ١٩٤