المسألة الثانية : قوله تعالى :﴿عَلَى ظَهْرِهَا﴾ كناية عن الأرض وهي غير مذكورة فكيف علم ؟
نقول مما تقدم ومما تأخر، أما ما تقدم فقوله :﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَه مِن شَىْءٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَلا فِى الارْضِ ﴾ فهو أقرب المذكورات الصالحة لعود الهاء إليها، وأما ما تأخر فقوله :﴿مِن دَآبَّةٍ﴾ لأن الدواب على ظهر الأرض، فإن قيل كيف يقال لما عليه الخلق من الأرض وجه الأرض / وظهر الأرض، مع أن الوجه مقابل الظهر كالمضاد ؟
نقول من حيث إن الأرض كالدابة الحاملة للأثقال والحمل يكون على الظهر يقال له ظهر الأرض، ومن حيث إن ذلك هو المقابل للخلق المواجه لهم يقال له وجهها، على أن الظهر في مقابلة البطن والظهر والظاهر من باب والبطن والباطن من باب، فوجه الأرض ظهر لأنه هو الظاهر وغيره منها باطن وبطن.
جزء : ٢٦ رقم الصفحة : ٢٥١
المسألة الثالثة : في قوله تعالى :﴿وَلَاكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى ا أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ وجوه أحدها : إلى يوم القيامة وهو مسمى مذكور في كثير من المواضع ثانيها : يوم لا يوجد في الخلق من يؤمن على ما تقدم ثالثها : لكل أمة أجل ولكل أجل كتاب وأجل قوم محمد صلى الله عليه وسلّم أيام القتل والأسر كيوم بدر وغيره.
المسألة الرابعة : قوله تعالى :﴿فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِه بَصِيرَا ﴾ تسلية للمؤمنين للمؤمنين، وذلك لأنه تعالى لما قال :﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ﴾ وقال :﴿لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَآصَّةً ﴾ قال : فإذا جاء الهلاك فالله بالعباد بصير، إما أن ينجيهم أو يكون توفيهم تقريباً من الله لا تعذيباً، لا يقال قد ذكرت أن الله لا يؤاخذ بمجرد الظلم، وإنما يؤاخذ حين يجتمع الناس على الضلال ونقول بأنه تعالى عند الإهلاك يهلك المؤمن فكيف هذا، نقول قد ذكرنا أن الإماتة والإفناء إن كان للتعذيب فهو مؤاخذة بالذنب وإهلاك، وإن كان لإيصال الثواب فليس بإهلاك ولا بمؤاخذة، والله لا يؤاخذ الناس إلا عند عموم الكفر، وقوله :﴿بَصِيرٌ﴾ اللفظ أتم في التسلية من العليم وغيره لأن البصير بالشيء الناظر إليه أولى بالإنجاء من العالم بحالة دون أن يراه والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزء : ٢٦ رقم الصفحة : ٢٥١
٢٥٢
الكتاب أو القرآن ولنذكر ههنا أبحاثاً :


الصفحة التالية
Icon