ويحتمل أن يكون الواو للعطف على الليل تقديره : وآية لهم الليل نسلخ والشمس تجري والقمر قدرناه، فيه كلها آية، وقوله :﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِى﴾ إشارة إلى سبب سلخ النهار فإنها تجري لمستقر لها وهو وقت الغروب فينسلخ النهار، وفائدة ذكر السبب هو أن الله لما قال نسلخ منه النهار وكان غير بعيد من الجهال أن يقول قائل منهم سلخ النهار ليس من الله إنما يسلخ النهار بغروب الشمس فقال تعالى : والشمس تجري لمستقر لها بأمر الله فمغرب الشمس سالخ للنهار فبذكر السبب يتبين صحة الدعوى ويحتمل أن يقال بأن قوله :﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ﴾ إشارة إلى نعمة النهار بعد الليل كأنه تعالى لما قال :﴿وَءَايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ (يس : ٣٧) ذكر أن الشمس تجري فتطلع عند انقضاء الليل فيعود النهار بمنافعه، وقوله :﴿لِمُسْتَقَرٍّ﴾ اللام يحتمل أن تكون للوقت كقوله تعالى :﴿أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ (الإسراء : ٧٨) وقوله تعالى :﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ (الطلاق : ١) ووجه استعمال اللام للوقت هو أن اللام المكسورة في الأسماء لتحقيق معنى الإضافة لكن إضافة الفعل إلى سببه أحسن الإضافات لأن الإضافة لتعريف المضاف بالمضاف إليه كما في قوله : دار زيد لكن الفعل يعرف بسببه فيقال اتجر للربح واشتر للأكل، وإذا علم أن اللام تستعمل للتعليل فنقول وقت الشيء يشبه سبب الشيء لأن الوقت يأتي بالأمر الكائن فيه، والأمور متعلقة بأوقاتها فيقال خرج لعشر من كذا ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ ﴾ (الإسراء : ٧٨) لأن الوقت معرف كالسبب وعلى هذا فمعناه تجري الشمس وقت استقرارها أي كلما استقرت زماناً أمرت بالجري فجرت، ويحتمل أن تكون بمعنى إلى أي إلى مستقر لها وتقريره هو أن للام تذكر للوقت وللوقت طرفان ابتداء وانتهاء يقال سرت من يوم الجمعة إلى يوم الخميس فجاز استعمال ما يستعمل فيه في أحد طرفيه لما بينهما من الاتصال ويؤيد هذا قراءة من قرأ ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ﴾
جزء : ٢٦ رقم الصفحة : ٢٨٢


الصفحة التالية
Icon