سورة الفتح
وهي عشرون وتسع آيات مدنية
جزء : ٢٨ رقم الصفحة : ٦٥
فيه مسائل :
المسألة الأولى : في الفتح وجوه : أحدها : فتح مكة وهو ظاهر وثانيها : فتح الروم وغيرها وثالثها : المراد من الفتح صلح الحديبية ورابعها : فتح الإسلام بالحجة والبرهان، والسيف والسنان وخامسها : المراد منه الحكم كقوله ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾ (الأعراف : ٨٩) وقوله ﴿ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ (سبأ : ٢٦) والمختار من الكل وجوه : أحدها : فتح مكة، والثاني : فتح الحديبية، والثالث : فتح الإسلام بالآية والبيان والحجة والبرهان. والأول مناسب لآخر ما قبلها من وجوه أحدها : أنه تعالى لما قال :﴿هَا أَنتُمْ هَا ؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ﴾. إلى أن قال :﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِه ﴾ (محمد : ٣٨) بيّن تعالى أنه فتح لهم مكة وغنموا ديارهم وحصل لهم أضعاف ما أنفقوا ولو بخلوا لضاع عليهم ذلك فلا يكون بخلهم إلا على أنفسهم ثانيها : لما قال :﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾ وقال :﴿وَأَنتُمُ الاعْلَوْنَ﴾ (محمد : ٣٥) بيّن برهانه بفتح مكة، فإنهم كانوا هم الأعلون ثالثها : لما قال تعالى :﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾ (محمد : ٣٥) وكان معناه لا تسألوا الصلح من عندكم، بل اصبروا فإنهم يسألون الصلح ويجتهدون فيه كما كان يوم الحديبية وهو المراد بالفتح في أحد الوجوه، وكما كان فتح مكة حيث أتى صناديد قريش مستأمنين ومؤمنين ومسلمين، فإن قيل : إن كان المراد فتح مكة، فمكة لم تكن قد فتحت، فكيف قال تعالى :﴿فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ بلفظ الماضي ؟
نقول : الجواب عنه من وجهين : أحدهما : فتحنا في حكمنا وتقديرنا ثانيهما : ما قدره الله تعالى فهو كائن، فأخبر بصيغة الماضي إشارة إلى أنه أمر لا دافع له، واقع لا رافع له.


الصفحة التالية
Icon