أولها ـ قوله :﴿إِلا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَآاـاِمُونَ﴾ فإن قيل : قال :﴿عَلَى صَلاتِهِمْ دَآاـاِمُونَ﴾ ثم :﴿عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ (المعارج : ٣٤) قلنا : معنى دوامهم عليها أن لا يتركوها في شيء من الأوقات ومحافظتهم عليها ترجع إلى الاهتمام بحالها حتى يؤتى بها على أكمل الوجوه، وهذا الاهتمام إنما يحصل تارة بأمور سابقة على الصلاة وتارة بأمور لاحقة بها، وتارة بأمور متراخية عنها، أما الأمور السابقة فهو أن يكون قبل دخول وقتها متعلق القلب بدخول أوقاتها، ومتعلق بالوضوء، وستر العورة وطلب القبلة، ووجدان الثوب والمكان الطاهرين، والإتيان بالصلاة في الجماعة، وفي المساجد المباركة، وأن يجتهد قبل الدخول في الصلاة في تفريغ القلب عن الوساوس والإلتفات إلى ما سوى الله تعالى، وأن يبالغ في الاحتراز عن الرياء والسمعة، وأما الأمور المقارنة فهو أن لا يلتفت يميناً ولا شمالاً، وأن يكون حاضر القلب عند القراءة، فاهماً للأذكار، مطلعاً على حكم الصلاة، وأما الأمور المتراخية فهي أن لا يشتغل بعد إقامة الصلاة باللغو واللهو واللعب، وأن يحترز كل / الاحتراز عن الإتيان بعدها بشيء من المعاصي.
وثانيها قوله تعالى :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٥
٦٤٥
اختلفوا في الحق المعلوم : فقال ابن عباس والحسن وابن سيرين، إنه الزكاة المفروضة، قال ابن عباس : من أدى زكاة ماله فلا جناح عليه أن لا يتصدق قالوا : والدليل على أن المراد به الزكاة المفروضة وجهان : الأول : أن الحق المعلوم المقدر هو الزكاة، أما الصدقة فهي غير مقدرة الثاني : وهو أنه تعالى ذكر هذا على سبيل الاستثناء ممن ذمه، فدل على أن الذي لا يعطى هذا الحق يكون مذموماً، ولا حق على هذه الصفة إلا الزكاة، وقال آخرون : هذا الحق سوى الزكاة، وهو يكون على طريق الندب والاستحباب، وهذا قول مجاهد وعطاء والنخعي. وقوله :﴿لِّلسَّآاـاِلِ﴾ يعني الذي يسأل ﴿وَالْمَحْرُومِ﴾ الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنياً فيحرم.
وثالثها قوله :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٥
٦٤٥
أي يؤمنون بالبعث والحشر.
ورابعها قوله تعالى :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٥
٦٤٦
والإشفاق يكون من أمرين، إما الخوف من ترك الواجبات أو الخوف من الإقدام على المحظورات، وهذا كقوله :﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ (المؤمنون : ٦٠) وكقوله سبحانه :﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ (الحج : ٣٥) ومن يدوم به الخوف والإشفاق فيما كلف يكون حذراً من التقصير حريصاً على القيام بما كلف به من علم وعمل.
ثم إنه تعالى أكد ذلك الخوف فقال :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٦
٦٤٦
والمراد أن الإنسان لا يمكنه القطع بأنه أدى الواجبات كما ينبغي، واحترز عن المحظورات بالكلية، بل يجوز أن يكون قد وقع منه تقصير في شيء من ذلك، فلا جرم يكون خائفاً أبد.
وخامسها قوله تعالى :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٦
٦٤٦
وقد مر تفسيره في سورة المؤمنين.
وسادسها قوله :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٦
٦٤٦
وقد تقدم تفسيره أيضاً.
وسابعها قوله :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٦
٦٤٦
قرىء بشهادتهم وبشهاداتهم، قال الواحدي : والإفراد أولى لأنه مصدر فيفرد كما تفرد المصادر وإن أضيف لجمع كقوله لصوت الحمير. ومن جمع ذهب إلى اختلاف الشهادات، وكثرت ضروبها فحسن الجمع من جهة الاختلاف، وأكثر المفسرين قالوا : يعني الشهادات عند الحكام يقومون بها بالحق، ولا يكتمونها وهذه الشهادات من جملة الأمانات إلا أنه تعالى خصها من بينها إبانة لفضلها لأن في إقامتها إحياء الحقوق وفي تركها إبطالها وتضييعها، وروى عطاء عن ابن عباس قال : يريد الشهادة بأن الله واحد لا شريك له.
وثامنها قوله :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٦
٦٤٧
وقد تقدم تفسيره.
ثم وعد هؤلاء وقال :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٧
٦٤٧
ثم ذكر بعده ما يتعلق بالكفار فقال :
جزء : ٣٠ رقم الصفحة : ٦٤٧
٦٤٧
المهطع المسرع وقيل : الماد عنقه، وأنشدوا فيه :
بمكة أهلها ولقد أراهم
بمكة مهطعين إلى السماع
والوجهان متقاربان، روى أن المشركين كانوا يحتفون حول النبي صلى الله عليه وسلّم حلقاً حلقاً وفرقاً فرقاً يستمعون ويستهزئون بكلامه، ويقولون : إذا دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد : فلندخلنها قبلهم، فنزلت هذه الآية فقوله :﴿مُهْطِعِينَ﴾ أي مسرعين نحوك مادين أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم عليك، وقال أبو مسلم : ظاهر الآية يدل على أنهم هم المنافقون، فهم الذين كانوا عنده وإسراعهم المذكور هو الإسراع في الكفر كقوله :﴿لا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَـارِعُونَ فِى الْكُفْرِ﴾. ثم قال :


الصفحة التالية
Icon