السؤال الثالث : ما السبب في أنه لم يقل قل :﴿تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ وقال في سورة الكافرون :﴿قُلْ يَـا أَيُّهَا الْكَـافِرُونَ﴾ ؟
الجواب : من وجوه الأول : لأن قرابة العمومة تقتضي / رعاية الحرمة فلهذا السبب لم يقل له : قل ذلك لئلا يكون مشافهاً لعمه بالشتم بخلاف السورة الأخرى فإن أولئك الكفار ما كانوا أعماماً له الثاني : أن الكفار في تلك السورة طعنوا في الله فقال الله تعالى : يا محمد أجب عنهم :﴿قُلْ يَـا أَيُّهَا الْكَـافِرُونَ﴾ وفي هذه السورة طعنوا في محمد، فقال الله تعالى أسكت أنت فإني أشتمهم :﴿تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ﴾ الثالث : لما شتموك، فاسكت حتى تندرج تحت هذه الآية :﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَـاهِلُونَ قَالُوا سَلَـامًا﴾ وإذا سكت أنت أكون أنا المجيب عنك، يروى أن أبا بكر كان يؤذيه واحد فبقي ساكتاً، فجعل الرسول يدفع ذلك الشاتم ويزجره، فلما شرع أبو بكر في الجواب سكت الرسول، فقال أبو بكر : ما السبب في ذلك ؟
قال : لأنك حين كنت ساكتاً كان الملك يجيب عنك، فلما شرعت في الجواب انصرف الملك وجاء الشيطان.
واعلم أن هذا تنبيه من الله تعالى على أن من لا يشافه السفيه كان الله ذاباً عنه وناصراً له ومعيناً.
السؤال الرابع : ما الوجه في قراءة عبد الله بن كثير المكي حيث كان يقرأ :﴿أَبِى لَهَبٍ﴾ ساكنة الهاء ؟
الجواب : قال أبو علي : يشبه أن يكون لهب ولهب لغتين كالشمع والشمع والنهر والنهر، وأجمعوا في قوله :﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ على فتح الهاء، وكذا قوله :﴿وَلا يُغْنِى مِنَ اللَّهَبِ﴾ وذلك يدل على أن الفتح أوجه من الإسكان، وقال غيره : إنما اتفقوا على الفتح في الثانية مراعاة لو فاق الفواصل.
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٥٥
٣٥٦
قوله تعالى :﴿مَآ أَغْنَى عَنْهُ مَالُه وَمَا كَسَبَ﴾ في الآية مسائل :
المسألة الأولى : ما في قوله :﴿مَآ أَغْنَى ﴾ يحتمل أن يكون استفهاماً بمعنى الإنكار، ويحتمل أن يكون نفياً، وعلى التقدير الأول يكون المعنى أي تأثير كان لماله وكسبه في دفع البلاء عنه، فإنه لا أحداً كثر مالاً من قارون فهل دفع الموت عنه، ولا أعظم ملكاً من سليمان فهل دفع الموت عنه، وعلى التقدير الثاني يكون ذلك إخباراً بأن المال والكسب لا ينفع في ذلك.
المسألة الثانية : ما كسب مرفوع وما موصولة أو مصدرية يعني مكسوبه أو كسبه، يروى أنه كان يقول : إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وأولادي، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ثم ذكروا في المعنى وجوهاً : أحدها : لم ينفعه ماله وما كسب بماله يعني رأس المال والأرباح وثانيها : أن المال هو الماشية وما كسب من نسلها، ونتاجها، فإنه كان صاحب النعم والنتاج وثالثها :﴿مَالُه ﴾ الذي ورثه من أبيه والذي كسبه بنفسه ورابعها : قال ابن عباس :﴿مَّا كَسَبَتْ ﴾ ولده، والدليل عليه قوله عليه السلام :"إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه" وقال عليه السلام :"أنت ومالك لأبيك" وروى أن بني أبي لهب احتكموا إليه فاقتتلوا فقام يحجز بينهم فدفعه بعضهم فوقع : فغضب فقال : أخرجوا عني الكسب / الخبيث وخامسها : قال الضحاك : ما ينفعه ماله وعمله الخبيث يعني كيده في عداوة رسول الله وسادسها : قال قتادة :﴿وَمَا كَسَبَ﴾ أي عمله الذي ظن أنه منه على شيء كقوله :﴿وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ﴾ وفي الآية سؤالات :
السؤال الأول : قال ههنا :﴿مَآ أَغْنَى عَنْهُ مَالُه وَمَا كَسَبَ﴾ وقال في سورة :﴿وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ }وما يغني عنه ماله إذا تردى} فما الفرق ؟
الجواب : التعبير بلفظ الماضي يكون آكد كقوله : وما يغني عنه ماله إذا تردى} فما الفرق ؟
الجواب : التعبير بلفظ الماضي يكون آكد كقوله : فما الفرق ؟
الجواب : التعبير بلفظ الماضي يكون آكد كقوله :﴿مَآ أَغْنَى عَنِّى مَالِيَهْ ﴾ وقوله :﴿أَتَى ا أَمْرُ اللَّهِ﴾.
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٥٦
السؤال الثاني : ما أغنى عنه ماله وكسبه فيماذا ؟
الجواب : قال بعضهم في عداوة الرسول : فلم يغلب عليه، وقال بعضهم : بل لم يغنيا عنه في دفع النار ولذلك قال :﴿سَيَصْلَى ﴾.
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٥٦
٣٥٦
قوله تعالى :﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ وفيه مسائل.
المسألة الأولى : لما أخبر تعالى عن حال أبي لهب في الماضي بالتباب وبأنه ما أغنى عنه ماله وكسبه، أخبر عن حاله في المستقبل بأنه :﴿سَيَصْلَى نَارًا﴾.
المسألة الثانية :﴿سَيَصْلَى ﴾ قرىء بفتح الياء وبضمها مخففاً ومشدداً.