الفصل الثالث : في أساميها، اعلم أن كثرة الألقاب تدل على مزيد الفضيلة، والعرف يشهد لما ذكرناه فأحدها : سورة التفريد وثانيها : سورة التجريد وثالثها : سورة التوحيد ورابعها : سورة الإخلاص لأنه لم يذكر في هذه السورة سوى صفاته السلبية التي هي صفات الجلال، ولأن من اعتقده كان مخلصاً في دين الله، ولأن من مات عليه كان خلاصه من النار، ولأن ما قبله خلص في ذم أبي لهب فكان جزاء من قرأه أن لا يجمع بينه وبين أبي لهب وخامسها : سورة النجاة لأنها تنجيك عن التشبيه والكفر في الدنيا، وعن النار في الآخرة وسادسها : سورة الولاية لأن من قرأها صار من أولياء الله ولأن من عرف الله على هذا الوجه فقد والاه فبعد محنة رحمة كما بعد منحة نعمة وسابعها : سورة النسبة لما روينا أنه ورد جواباً لسؤال من قال : أنسب لنا ربك، ولأنه عليه السلام قال لرجل من بني سليم :"يا أخا بني سليم استوص / بنسبة الله خيراً" وهو من لطيف المباني، لأنهم لما قالوا : أنسب لنا ربك، فقال : نسبة الله هذا والمحافظة على الأنساب من شأن العرب، وكانوا يتشددون على من يزيد في بعض الأنساب أو ينقص، فنسبة الله في هذه السورة أولى بالمحافظة عليها وثامنها : سورة المعرفة لأن معرفة الله لا تتم إلا بمعرفة هذه السورة، روى جابر أن رجلاً صلى فقرأ : قل هو الله أحد فقال النبي عليه الصلاة والسلام : إن هذا عبد عرف ربه فسميت سورة المعرفة لذلك وتاسعها : سورة الجمال قال عليه الصلاة والسلام :"إن الله جميل يحب الجمال" فسألوه عن ذلك فقال : أحد صمد لم يلد ولم يولد لأنه إذا لم يكن واحداً عديم النظير جاز أن ينوب ذلك المثل منابه وعاشرها : سورة المقشقشة، يقال : تقشيش المريض مما به، فمن عرف هذا حصل له البرء من الشرك والنفاق لأن النفاق مرض كما قال :﴿فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ الحادي عشر : المعوذة، روى أنه عليه السلام دخل على عثمان بن مظعون فعوذه بها وباللتين بعدها، ثم قال :"نعوذ بهن فما تعوذت بخير منها" والثاني عشر : سورة الصمد لأنها مختصة بذكره تعالى والثالث عشر : سورة الأساس، قال عليه الصلاة والسلام :"أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد" ومما يدل عليه أن القول بالثلاثة سبب لخراب السموات والأرض بدليل قوله :﴿تَكَادُ السَّمَـاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الارْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ﴾ فوجب أن يكون التوحيد سبباً لعمارة هذه الأشياء وقيل السبب فيه معنى قوله تعالى :
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٦٩
﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ الرابع عشر : سورة المانعة روى ابن عباس أنه تعالى قال : لنبيه حين عرج به أعطيتك سورة الإخلاص وهي من ذخائر كنوز عرشي، وهي المانعة تمنع عذاب القبر ولفحات النيران الخامس عشر : سورة المحضر لأن الملائكة تحضر لاستماعها إذا قرئت السادس عشر : المنفرة لأن الشيطان ينفر عند قراءتها السابع عشر : البراءة لأنه روى أنه عليه السلام رأى رجل يقرأ هذه السورة، فقال : أما هذا فقد برىء من الشرك، وقال عليه السلام : من قرأ سورة قل هو الله أحد مائة مرة في صلاة أو في غيرها كتبت له براءة من النار الثامن عشر : سورة المذكرة لأنها تذكر العبد خالص التوحيد فقراءة السورة كالوسمة تذكرك ما تتغافل عنه مما أنت محتاج إليه التاسع عشر : سورة النور قال الله تعالى :﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ فهو المنور للسموات والأرض، والسورة تنور قلبك وقال عليه السلام :"إن لكل شيء نور ونور القرآن قل هو الله أحد" ونظيره أن نور الإنسان في أصغر أعضائه وهو الحدقة، فصارت السورة للقرآن كالحدقة للإنسان العشرون : سورة الأمان قال عليه السلام :"إذا قال العبد لا إله إلا الله دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي".
جزء : ٣٢ رقم الصفحة : ٣٦٩