المسألة الثانية : اختلفوا في المراد بقوله تعالى :﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ على ثلاثة أقوال قيل المجوس : لأنهم كانوا يقولون لملكهم : عش ألف نيروز وألف مهرجان، وعن ابن عباس هو قول الأعاجم : زي هزارسال، وقيل : المراد مشركوا العرب وقيل : كل مشرك لا يؤمن بالمعاد، لأنا بينا أن حرص هؤلاء على الدنيا ينبغي أن يكون أكثر وليس المراد من ذكر ألف سنة قول الأعاجم عش ألف سنة، بل المراد به التكثير وهو معروف في كلام العرب.
أما قوله تعالى :﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فالمراد أنه تعالى بين بعدهم عن تمني الموت من حيث إنهم يتمنون هذا البقاء ويحرصون عليه هذا الحرص الشديد، ومن هذا حاله كيف يتصور منه تمني الموت ؟
أما قوله تعالى :﴿وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِه مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : في أن قوله :﴿وَمَا هُوَ﴾ كناية عماذا ؟
فيه ثلاثة أقوال، أحدها : أنه كناية عن "أحدهم" الذي جرى ذكره أي وما أحدهم بمن يزحزحه من النار تعميره/ وثانيها : أنه ضمير لما دل عليه "يعمر" من مصدره و(أن يعمر) بدل منه، وثالثها : أن يكون مبهماً و(أن يعمر) موضحه.
المسألة الثانية : الزحزحة التبعيد والإنحاء، قال القاضي : والمراد أنه لا يؤثر في إزالة العذاب أقل تأثير ولو قال تعالى : وما هو بمبعده وبمنجيه لم يدل على قلة التأثير كدلالة هذا القول.
وأما قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ بَصِيرُا بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ فاعلم أن البصر قد يراد به العلم، يقال : إن لفلان بصراً بهذا الأمر، أي معرفة، وقد يراد به أنه على صفة لو وجدت المبصرات لأبصرها وكلاً الوصفين يصحان عليه سبحانه إلا أن من قال : إن في الأعمال ما لا يصح أن يرى هذا البصر على العلم لا محالة والله أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٠٩
٦١٠
اعلم أن هذا النوع أيضاً من أنواع قبائح اليهود ومنكرات أقوالهم وأفعالهم وفيه مسائل :


الصفحة التالية
Icon