القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة". وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" ٢.
وانظر حفظك الله إلى هذا التمثيل البالغ في الدقة، فالبيت الخرب الذي لا يسكنه أحد يكون مأوىً لكل شر، فهو محل آمن لارتكاب الجريمة أياً كان نوعها، وهو كذلك مأوىً للكلاب والحيوانات الهاملة تأوي إليه وتقذره، ومأوىً للجن والشياطين. فليحذر كل مؤمن عاقل أن يجعل قلبه كالبيت الخرب، وعليه أن يبذل جهده لحفظ كتاب الله أو شيء منه، فحفظ القرآن يرفع مكانة صاحبه في الدنيا والآخرة، ومن الأدلة على ذلك بالإضافة إلى ما سبق ما أخرجه الشيخان: عن سهل بن سعد: أن امرأة جاءت رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله ﷺ فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال له: "هل عندك من شيء؟ " فقال: لا والله يا رسول الله، قال: "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً: " فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئاً: قال: "انظر ولو خاتماً من حديد"، فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري - قال سهل: ماله برداء - فلها نصفه، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: "ما تصنع بإزارك "؟ إن لبستَه لم يكن
٢ أخرجه الترمذي برقم ٢٩١٣ وقال حديث حسن صحيح.