به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هَدَى إلى صراط مستقيم". ١
ولقد اهتم السلف والخلف من هذه الأمة بكتاب ربها، فتلقاه النبي ﷺ من الوحي، وتلقفه الصحابة رضي الله عنهم فحفظوه وفهموه وعملوا به، ثم جاءت من بعدهم الأجيال المتعاقبة، جيل من بعد جيل، فألفت فيه التآليف الكثيرة، فكتبٌ في أول ما نزل وآخر ما نزل، وأخرى في ناسخه ومنسوخه وأخرى في محكمه ومتشابهه، وكتبٌ في التفسير بأنواعه، بالإضافة إلى كتب في فضائله. ولو رجعنا إلى محتوى أي كتاب من هذه الكتب لوجدنا الأبواب والفصول الكثيرة التي لا تكاد تحصى، حتى إنه لم يترك شيء يتعلق بالقرآن الكريم إلا دُرس وألِّف فيه، وما ذلك الحفظ إلا لحفظ الله له الذي ذكره بقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: ٩).
وإني في هذا البحث الموجز – الذي أقدمه لهذه الندوة المباركة: "عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه " التي يعقدها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة – حاولت جمع ما تيسر لي من الآيات والأحاديث التي تبين العناية بالقرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، سواءً كانت تلك العناية منه ﷺ أو من صحابته رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يكن هدفي استقصاء جميع طرق الحديث

١ أخرجه الترمذي برقم ٢٩٠٦ وقال: (هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده مجهول، وفي الحارث مقال). وقال ابن كثير في كتابه (فضائل القرآن ص ١٦) وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم".


الصفحة التالية
Icon