رسول الله ﷺ لأبي موسى: "لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود" ١.
ولقد كان صوته ﷺ حسناً بل أحسن الأصوات بقراءة القرآن الكريم وذلك كما جاء في رواية البراء رضي الله عنه قال:
"سمعت رسول الله ﷺ قرأ في العشاء بـ ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ فما سمعت أحداً أحسن منه صوتا" ٢
هذه الأدلة كما هو واضح من مدلولها فيها الحث الصريح على التغني بالقرآن ولكن فهم بعض من لم يؤت سعة من العلم هذا الأمر على غير مراده حتى دخلت في القرآن ألحان الغناء فأصبحت قراءة بعض القراء ليست مقصودة لذاتها بقدر ما هي مقصودة لصوت القارئ. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولعل هذا التخبط في طرق الأداء المبتدعة قَوَّى لدى بعض العلماء حمل معنى أحاديث التغني بالقرآن على معنى الاستغناء الذي هو من الغنى نقيض الفقر، قال النووي: "وأنكر أبو جعفر الطبري تفسير من قال: يستغني به وخطَّأه من حيث اللغة والمعنى. والخلاف جار في الحديث الآخر: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" والصحيح أنه من تحسين الصوت" ٣.
٢ أخرجه البخاري برقم ٧٥٤٦ ومسلم برقم ٤٦٤.
٣ شرح صحيح مسلم ٦/٧٩.