نهيه ﷺ عن الاستعجال في القراءة
الناس في قراءة القرآن صنفان: صنف يقرأ القرآن بتعقل وتدبر لمعانيه، فهذا لا يهمه أن يختم القرآن في أسبوع أو شهر، وصنف آخر يقرأ القرآن ليزداد عدد الحروف التي يقرأها، ويكون له بكل حرف عشر حسنات، كما ثبت في الحديث الصحيح، وهذا الصنف هو الذي يكون همه أن يختم القرآن في أقصر مدة ممكنة.
قال ابن حجر "قال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ولا يقرؤه هذرمة. والله أعلم" ١.
وقد يجتمع الأمران في شخص واحد فمرة يقرأ القرآن قراءة فهم وتمعُّن في معانيه ومبانيه، ومرة يقرؤه قراءة يريد بها الإكثار من الحسنات، وقد ورد كل ذلك عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن مدار الكلام في هذا المبحث على الأحاديث الواردة في نهيه ﷺ عن الاستعجال، والحقيقة أن أكثر هذه الأحاديث مروية عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فقد كان شاباً قوياً فتياً يريد أن