- وختمت السورة الكريمة بتوجيه المؤمنين إلى التوبة والإنابة، والتضرع إلى الله جل وعلا برفع الأغلال والآصار، وطلب النصرة على الكفار، والدعاء لما فيه سعادة الدارين [ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ] وهكذا بدأت السورة بأوصاف المؤمنين، وختمت بدعاء المؤمنين ليتناسق البدء مع الختام، ويلتئم شمل السورة أفضل التئام!!.
التسمية :
سميت السورة الكريمة " سورة البقرة " إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة، التي ظهرت فى زمن موسى الكليم، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر على موسى لعله يعرف القاتل، فأوحى الله تعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة، وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله ويخبرهم عن القاتل، وتكون برهانا على قدرة الله جل وعلا فى إحياء الخلق بعد الموت، وستأتي القصة مفصلة فى موضعها إن شاء الله.
فضلها :
عن رسول الله (ص) أنه قال :(لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة). وقال (ص) :(اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة) يعنى السحرة.
قال الله تعالى :[ ألم – ذلك الكتاب لا ريب فيه.. إلى.. وأولئك هم المفلحون ]. من آية (١) إلى نهاية آية (٥).
اللغة :
[ ريب ] الريب : الشك وعدم الطمأنينة يقال : ارتاب، وأمر مريب إذا كان فيه شك وريبة، قال الزمخشري : الريب مصدر رابه إذا أحدث له الريبة وهى قلق النفس واضطرابها، ومنه ريب الزمان لنوائبه
[ المتقين ] أصل التقوى مأخوذ من اتقاء المكروه بما تجعله حاجزاً بينك وبينه، قال النابغة : سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
فالمتقى هو الذي يقي نفسه مما يضرها، وهو الذى يتقى عذاب الله بطاعته، وجماع التقوى أن يمتثل العبد الأوامر، ويجتنب النواهي
[ الغيب ] ما غاب عن الحواس، وكل شئ مستور فهو غيب، كالجنة، والنار، والحشر والنشر قال الراغب : الغيب ما لا يقع تحت الحواس
[ المفلحون ] الفلاح : الفوز والنجاح قال أبو عبيدة : كل من أصاب شيئا من الخير فهو مفلح وقال البيضاوي : المفلح : الفائز بالمطلوب كأنه الذى انفتحت له وجوه الظفر، وأصل الفلح فى اللغة : الشق والقطع، ومنه قولهم فى الأمثال " إن الحديد بالحديد يفلح " أي يشق، ولذلك سمى الفلاح فلاحاً، لأنه يشق الأرض بالحراثة
[ كفروا ] الكفر لغة : ستر النعمة ولهذا يسمى الكافر كافراً لأنه يجحد النعمة ويسترها، ومنه قيل للزارع ولليل كافر، قال تعالى [ أعجب الكفار نباته ] أي أعجب الزراع، وسمى الليل كافرا لأنه يغطي كل شيء بسواده
[ أنذرتهم ] الإنذار : الإعلام مع التخويف، فإن خلا من التخويف فهو إعلام وإخبار، لا إنذار
[ ختم ] الختم : التغطية على الشئ والطبع عليه حتى لا يدخل شيء، ومنه ختم الكتاب.
[ غشاوة ] الغشاوة : الغطاء من غشاه إذا غطاه، ومنه الغاشية وهى القيامة، لأنها تغشى الناس بأهوالها وشدائدها!!.
التفسير :


الصفحة التالية
Icon