لرجعوا لا يجدون اهلا ولا مالا " قال ابو حيان :" وفي ترك النصارى الملاعنة لعلمهم بصدقه، وهو شاهد عظيم على صحة نبوته " ثم قال تعالى
[ ان هذا لهو القصص الحق ] أى هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في شان عيسى هو الحق الذي لا شك فيه
[ وما من اله الا الله ] أى لا يوجد اله غير الله، وفيه رد على النصارى في قولهم بالتثليث
[ وان الله لهو العزيز الحكيم ] أى هو جل شانه العزيز في ملكه، الحكيم في صنعه
[ فان تولوا فان الله عليم بالمفسدين ] أى ان اعرضوا عن الاقرار بالتوحيد فانهم مفسدون والله عليم بهم، وسيجازيهم على ذلك شر الجزاء.
البلاغة :
١ - [ فلما احس ] قال ابو حيان : فيها استعارة اذ الكفر ليس بمحسوس، وانما يعلم ويفطن به، فاطلاق الحس عليه من نوع الاستعارة.
٢ - [ والله خير الماكرين ] بين لفظ مكروا والماكرين جناس الاشتقاق وهو من باب المشاكلة.
٣- [ فيوفيهم اجورهم ] فيه التفات من ضمير التكلم الى ضمير الغيبة، وهو ضرب من ضروب الفصاحة.
٤ - [ الحق من ربك ] التعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة الى الرسول لتشريفه عليه الصلاة والسلام.
٥ - [ فلا تكن من الممترين ] هو من باب (الالهاب والتهييج ) لزيادة التثبيت افاده ابو السعود.
لطيفه :
قال صاحب البحر المحيط : سأل رجل الجنيد فقال : كيف رضي الله سبحانه لنفسه المكر وقد عاب به غيره ؟ فقال : لا ادري ما تقول ولكن انشدني فلان الظهراني : ويقبح من سواك الفعل عندي فتفعله فيحسن منك ذاكا، ثم قال له : قد اجبتك ان كنت تعقل.
قال الله تعالى :[ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء.. الى.. والله ذو الفضل العظيم ] من اية (٦٤) الى نهاية اية (٧٤)
المناسبه :
لما اقام القران الحجة على النصارى، وابطل دعواهم في شان الوهية المسيح، دعا الفريقين " اليهود والنصارى " الى التوحيد، والاقتداء بابي الانبياء ابراهيم عليه السلام، اذ كانت ملته الحنيفية السمحة وهي (ملة الاسلام )، ولم يكن يهوديا ولا نصرانيا كما زعم كل من الفريقين، ثم بين ان احق الناس بالانتساب الى ابراهيم محمد(ص) وامته.
اللغة :
[ سواء ] السواء : العدل والنصف، قال ابو عبيدة : يقال قد دعاك الى السواء فاقبل منه، قال زهير : اروني خطة لاضيم فيها يسوى بيننا فيها السواء
[ اولى ] احق
[ ودت ] تمنت
[ تلبسون ] اللبس : الخلط، يقال : لبس الامر عليه اذا اشتبه واختلط
[ وجه النهار ] اوله سمي وجها لانه اول ما يواجه من النهار، قال الشاعر : من كان مسرورا بمقتل مالك فليات نسوتنا بوجه نهار
سبب النزول :
روي عن ابن عباس ان احبار اليهود ونصارى نجران اجتمعوا عند رسول الله (ص) فتنازعوا في ابراهيم فقالت اليهود : ما كان ابراهيم الا (يهوديا)، وقالت النصارى : ما كان الا (نصرانيا) فانزل الله تكذيبا لهم :
[ ما كان ابراهبم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ] الاية.
التفسير :
[ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ] أى قل لهم يا معشر اليهود والنصارى : هلموا الى كلمة عادلة مستقيمة، فيها انصاف وعدل، نستوي نحن وانتم فيها
[ الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ] أى ان نفرد الله وحده بالعبادة، ولا نجعل له شريكا
[ ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله ] أى لا يعبد بعضنا بعضا كما عبد اليهود والنصارى (عزيرا وعيسى)، واطاعوا الاحبار والرهبان فيما احلوا لهم وحرموا، روي ان الاية لما نزلت قال عدي بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله، فقال (ص) :" اما كانوا يحلون لكم ويحرمون فتاخذون بقولهم ؟ فقال : نعم، فقال النبي (ص) : هو ذاك "
[ فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ] أى فان اعرضوا عن التوحيد، ورفضوا قبول تلك الدعوة العادلة،


الصفحة التالية
Icon