[ بما أنزل إليك ] وهو القرآن
[ وما أنزل من قبلك ] وهو التوراة وا؟نجيل
[ يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ] أي يريدون أن يتحاكموا في خصومتهم إلى الطاغوت، قال، قال ابن عباس : هو " كعب بن الأشرف " أحد طغاه اليهود، سمي به لإفراطه في الطغيان وعداوته للرسول عليه السلام
[ وقد أمروا أن يكفروا به ] أي والحال أنهم قد أمروا بالإيمان بالله والكفر بما سواه [ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي ]
[ ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ] أي ويريد الشيطان بما زين لهم أن يحرفهم عن الحق والهدي
[ واذا قيل لهم تعالوا الى ما أنزل الله والى الرسول ] أي وإذا قيل لأولئك المنافقين : تعالوا فتحاكموا إلى كتاب الله والى الرسول ليفصل بينكم فيما تنازعتم فيه
[ رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ] أي رأيتهم لنفاقهم يعرضون عنك إعراضا
[ فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ] أي كيف يكون حالهم إذا عاقبهم الله بذنوبهم، وبما جنته أيديهم من الكفر والمعاصي، أيقدرون أن يدفعوا عنهم العذاب ؟
[ ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ] أي ثم جاءك هؤلاء المنافقون للاعتذار عما اقترفوه من الأوزار، يقسمون بالله ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك إلا الصلح والتأليف بين الخصمين، وما أردنا رفض حكمك !! قال تعالي تكذيبا لهم
[ أولئك الذين يعلم الله ما فى قلوبهم ] أي هؤلاء المنافقون يكذبون، والله يعلم ما في قلوبهم، من النفاق والمكر والخديعة، وهم يريدون أن يخدعوك بهذا الكلام المعسول
[ فأعرض عنهم ] أي فأعرض عن معاقبتهم للمصلحة، ولا تظهر لهم علمك بما في بواطنهم، ولا تهتك سترهم حتي يبقوا على وجل وحذر
[ وعظهم ] أي ازجرهم عن الكيد والنفاق بقوارع الآيات
[ وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ] أي انصحهم فيما بينك وبينهم، بكلام بليغ مؤثر، يصل إلى سويداء قلوبهم، يكون لهم رادعا ولنفاقهم زاجرا.. ثم أخبر تعالى عن بيان وظيفة الرسل فقال سبحانه
[ وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ] أي لم نرسل رسولا من الرسل، إلا ليطاع بأمر الله تعالى، فطاعته طاعة لله، ومعصيته معصية لله،
[ ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله ] أي لو أن هؤلاء المنافقين، حين ظلموا أنفسهم بعدم قبول حكمك، جاءوك تائبين من النفاق مستغفرين الله من ذنوبهم، معترفين بخطئهم
[ واستغفر لهم الرسول ] أي واستغفرت لهم يا محمد أي سألت الله أن يغفر لهم ذنوبهم
[ لوجدوا الله ترابا رحيما ] أي لعلموا كثرة توبة الله على عباده وسعة رحمته لهم.. ثم بين تعالى طريق الإيمان الصادق فقال سبحانه
[ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ] اللام لتأكيد القسم أي فوربك يا محمد لا يكونون مؤمنين، حتى يجعلوك حكما بينهم، ويرضوا بحكمك فيما تنازعوا فيه واختلفوا من الأمور
[ ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ] أي ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقا من حكمك، وينقادوا انقيادا تاما كاملا لقضائك، من غير معارضة ولا مدافعة ولا منازعة، فحقيقة الإيمان الخضوع والإذعان
[ ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ] أي لو فرضنا على هؤلاء المنافقين ما فرضنا على من قبلهم من الأحكام الشاقة، وشددنا التكليف عليهم فأمرناهم بقتل النفس، والخروج من الأوطان، كما فرض ذلك على بني إسرائيل
[ ما فعلوه إلا قليل منهم ] أي ما استجاب ولا انقاد إلا قليل منهم لضعف إيمانهم
[ ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ] أي ولو أنهم فعلوا ما يؤمرون به من طاعة الله وطاعة رسوله، لكان خيرا لهم في عاجلهم آجلهم، وأشد تثبيتا لإيمانهم، وأبعد لهم عن الضلال والنفاق