[ ستجدون أخرين يريدون ان يأمنوكم ويأمنوا قومهم ] أى ستجدون قوما أخرين من المنافقين، يريدون ان يأمنوكم بإظهار الايمان، ويأمنوا قومهم باظهار الكفر، إذا رجعوا اليهم، قال ابو السعود : هم قوم من أسد وغطفان " كانوا إذا أتوا المدينة أسلموا وعاهدوا ليأمنوا من المسلمين، فإذا رجعوا الى قومهم، كفروا ونكثوا عهودهم ليأمنوا قومهم
[ كلما ردوا الى الفتنة اركسوا فيها ] اي كلما دعوا الى الكفر او قتال المسلمين، عادوا اليه وقلبوا فيه على أسوأ شكل، فهم شر من كل عدو شرير
[ فإن لم يعتزلوكم ويلقوا اليكم السلم ويكفوا ايديهم ] أى فإن لم يجتنبوكم ويستسلموا اليكم، ويكفوا أيديهم عن قتالكم
[ قخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم ] أى فأسروهم واقتلوهم حيث وجدتموهم واصبتموهم
[ وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ] أى جعلنا لكم على اخذهم وقتلهم حجة واضحة، وبرهانا بينا، بسبب غدرهم وخيانتهم
وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا إلا خطا ] أى لا ينبغي لمؤمن ولا يليق به ان يقتل مؤمنا إلا على وجه الخطأ، لأن الايمان زاجز عن العدوان
ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى اهله إلا ان يصدقوا ] أى ومن قتل مؤمنا على وجه الخطأ فعليه اعتاق رقبة مؤمنة، لأن اطلاقها من أسر الرق كإحيائها، وعليه دية مؤداة إلى ورثة المقتول، إلا إذا عفا الورثة عن القاتل فأسقطوا الدية.. لقد أوجب الشارع في القتل الخطأ شيئين : الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة في مال القاتل، والدية وهي مائة من الابل على أهل القاتل
[ فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ] أى ان كان المقتول خطأ مؤمنا، وقومه كفار أعداء - وهم المحاربون - فإنما على قاتله الكفارة فقط دون الدية، لئلا يستعينوا بها على المسلمين
وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة الى اهله وتحرير رقبة مؤمنة ] أى وان كان المقتول المؤمن خطأ من قوم كفرة، بينكم وبينهم عهد كأهل الذمة، فعلى قاتله دية تدفع الى أهله لاجل معاهدتهم، ويجب ايضا على القاتل اعتاق رقبة مؤمنة
[ فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ] أى فمن لم يجد الرقبة، فعليه صيام شهرين متتابعين عوضا عنها، شرع تعالى لكم ذلك لاجل التوبة عليكم
[ وكان الله عليما حكيما ] أى عليما بخلقه حكيما فيما شرع.. ثم بين تعالى حكم القتل العمد، وجريمته النكراء وعقوبته الشديدة، فقال :
[ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ] أى ومن يقدم على قتل مؤمن، عالما بإيمانه متعمدا لقتله، مستحلا للقتل فجزاوه جهنم مخلدا فيها على الدوام ! ! وهذا محمول على من استحل قتل المؤمن كما قال ابن عباس، لانه باستحلال القتل يصبح كافرا
[ وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ] أى ويناله السخط الشديد من الله، والطرد من رحمة الله، والعذاب الشديد في الاخرة
[ يأيها الذين أمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ] أى اذا سافرتم في الجهاد لغزو الاعداء قتثبتوا، ولا تعجلوا في القتل، حتى يتبين لكم المؤمن من الكافر
[ ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا ] أى ولا تقولوا لمن حياكم بتحية الاسلام : لست مؤمنا، قتقتلوه
[ تبتغون عرض الحياة الدنيا ] أى حال كونكم طالبين لماله، الذي هو حطام سريع الزوال
[ فعند الله مغانم كثيرة ] أى فعند الله ما هو خير من ذلك، وهو ما أعده لكم من جزيل الثواب والنعيم
[ كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ] أى كذلك كنتم كفارا فهدكم الله للاسلام، ومن عليكم بالايمان، فتبينوا ان تقتلوا مؤمنا وقيسوا حاله بحالكم
[ ان الله كان بما تعملون خبيرا ] أى مطلعا على اعمالكم فيجازيكم عليها.. ثم اخبر تعالى بفضيلة المجاهدين فقال :