[ فالله يحكم بينكم يوم القيامة ] أى يحكم بين المؤمنين والكافرين، ويفصل بينهم بالحق
[ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ] أى لن يمكن الكفرة من رقاب المؤمنين فيبيدوهم ويستأصلوهم ((ذكر القرطبي خمسة أقوال للمفسرين في هذه الاية هذا أحدها وهو الذي رجحناه وقيل : إن المراد بالسبيل الحجة، وقيل هذا يوم القيامة وقد رجحه الطبري حيث قال : يعني حجة يوم القيامة واستدل له بما روي أن رجلا سأل عليا عن هذه الاية فقال : أدن مني ثم قرأ عليه ﴿فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا﴾ أي يوم القيامة، وقد ضعف هذا الرأي ابن العربي )) قال ابن كثير : وذلك بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية، وان حصل لهم ظفر في بعض الاحيان، فان العاقبة للمتقين قي الدنيا والاخرة.
[ ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ] أى يفعلون ما يفعل المخادع من اظهار الايمان، وابطال الكفر، والله يجازيهم على خداعهم ويستدرجهم بتكليف المؤمنين بحقن دمائهم، وقد أعد لهم الدرك الأسفل من النار في الاخرة، فسمى تعالى جزاءهم (خداعا) بطريق المشاكلة، لان وبال خداعهم راجع عليهم
[ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ] أى يصلون وهم متثاقلون متكاسلون، لأنهم لا يرجون لها ثوابا، ولا يخافون من تركها عذابا
[ يراؤون الناس ] اي يقصدون بصلاتهم (الرياء والسمعة)، ولا يقصدون وجه الله
[ ولا يذكرون الله إلا قليلا ] أى لا يذكرون الله سبحانه وتعالى إلا ذكرا قليلا
[ مذبذبين بين ذلك ] اى مضطربين مترددين بين الكفر والايمان، وصفهم تعالى بالحيرة في دينهم
[ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ] أى لا ينتسبون الى المؤمنين، ولا إلى الكافرين
[ ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ] أى ومن يضلله الله فلن تجد له طريقا الى السعادة والهدى ثم حذر تعالى المؤمنين من موالاة اعداء الدين فقال سبحانه :
[ يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ] أى لا تتركوا موالاة المؤمنين، وتوالوا الكفرة المجرمين، بالمصاحبة والمصادقة
[ أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ] أى أتريدون ان تجعلوا لله حجة بالغة عليكم انكم منافقون ؟ قال ابن عباس : كل سلطان في القرآن فهو حجة، ثم أخبر تعالى عن مال المنافقين فقال :
[ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ] أى في الطبقة التي هي في قعر جهنم، والنار سبع طبقات، قال ابن عباس : أى في اسفل النار، وذلك لأنهم جمعوا مع الكفر، الاستهزاء بالاسلام وأهله، والنار دركات كما ان الجنة درجات
[ ولن تجد لهم نصيرا ] أى لن تجد لهؤلاء المنافقين، ناصرا ينصرهم من عذاب الله
[ إلا الذين تابوا ] هذا استثناء أى تابوا عن النفاق
[ وأصلحوا ] أى اعمالهم ونياتهم
[ واعتصموا بالله ] أى تمسكوا بكتاب الله ودينه
[ واخلصوا دينهم لله ] أى لم يبتغوا بعملهم الا وجه الله
[ فأولئك مع المؤمنين ] أى فى زمرتهم يوم القيامة
[ وسوف يؤت الله المؤمنين اجرا عظيما ] أى يعطيهم الآجر الكبير في الاخرة وهو الجنة، على اثمانهم وصبرهم
[ ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وأمنتم ] اي أى منفعة له سبحانه في عذابكم ؟ أيتشفى به من الغيظ ؟ أم يدرك به العار ؟ أم يدفع به الدر ويستجلب النفع، وهو الغني عنكم ؟
[ وكان الله شاكرا عليما ] أى شاكرا لطاعة العباد مع غناه عنهم، يعطي على العمل القليل الثواب الجزيل.
البلاغة :
تضمنت الآيات أنواعا من الفصاحة والبديع نوجزها فيما يلي :
١- المبالغة في الصيغة في [ قوامين بالقسط ] أى مبالغين في العدل.
٢ - الطباق بين [ غنيا وفقيرا ] وبين أمنوا ثم كفروا ].
٣ - الجناس الناقص : فى أمنوا وآمنوا ] لتغير الشكل في الحركات.