سورة الأنعام
مكية وآياتها خمس وستون ومائة
بين يدي السورة
سورة الأنعام إحدى السور المكية الطويلة التي يدور محورها حول العقيدة وأصول الايمان وهي تختلف في أهدافها ومقاصدها عن السور المدنية التي سبق الحديث عنها كالبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، فهي لم تعرض لشيء من الاحكام التنظيمية لجماعة المسلمين، كالصوم، والحج والعقوبات، وأحكام الاسرة، ولم تذكر أمور القتال ومحاربة الخارجين على دعوة الاسلام، كما لم تتحدث عن أهل الكتاب من إليه ود والنصارى ولا على المنافقين، وإنما تناولت القضايا الكبرى الأساسية لأصول العقيدة والايمان، وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلى :
١ - قضية الألوهية
٢ - قضية الوحى والرسالة
٣ - قضية البعث والجزاء.
* نجد الحديث في هذه السورة مستفيضا يدور بشدة حول هذه الأصول الأساسية للدعوة الاسلامية، ونجد سلاحها في ذلك الحجة الدامغة، والدلائل الباهرة، والبرهان القاطع في طريق الإلزام والاقناع، لأن السورة نزلت في مكة على قوم مشركين. ومما يلفت النظر في السورة الكريمة أنها عرضت لأسلوبين بارزين لا نكاد نجدهما بهذه الكثرة فى غيرها من السور هما :
١ - اسلوب التقرير
٢ - اسلوب التلقين.
* أما الأول :" اسلوب التقرير " فإن القرآن يعرض الأدلة المتعلقة بتوحيد الله، والدلائل المنصوبة على وجوده وقدرته، وسلطانه وقهره، في صورة الشأن المسلم، ويضع لذلك ضمير الغائب عن الحسن الحاضر في القلب الذي لا يماري فيه قلب سليم، ولا عقل راشد، في انه تعالى المبدع للكائنات، صاحب الفضل والإنعام، فيأتى بعبارة (هو " الدالة على الخالق المدبر الحكيم، استمع قوله تعالى [ هو الذي خلقكم من طين ].. [ وهو الله في السموات والأرض ].. [ وهو الذي يتوفاكم بالليل ].. [ وهو القاهر فوق عباده ].. [ وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق... ] الخ.