[ ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ] أى لا يدخلون يوم القيامة الجنة، حتى يدخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا تمثيل لإستحالة دخول الكفار الجنة، كإستحالة دخول الجمل على ضخامنه في ثقب الإبرة على دقته، مبالغة في التصوير
[ وكذلك نجزي المجرمين ] أى ومثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي أهل العصيان والإجرام
[ لهم من جهنم مهاد ] أى لهم فراش من النار من تحتهم
[ ومن فوقهم غواش ] أي ومن فوقهم أغطية من النار
[ وكذلك نجزي الظالمين ] أى ومثل ذلك الجزاء الشديد، نجزي كل من ظلم وتعدى حدود الله.. ولما ذكر تعالى وعيد الكافرين وما أعده لهم في الآخرة أتبعه بذكر وعد المؤمنين وما أعد لهم فقال سبحانه
[ والذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أى والذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بما أمرهم به ربهم
[ لا نكلف نفسا إلا وسعها ] أى لا نكلف أحدا إلا بما يسهل عليه، وفي حدود طاقته، والجملة اعتراضية بين المبتدأ والخبر قال في البحر : وفائدته التنبيه على أن ذلك العمل في وسعهم، وغير خارج عن قدرتهم، وفيه تنبيه للكفار على أن الجنة مع عظم ما فيها يوصل إليها بالعمل السهل من غير مشقة
[ أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ] أى هؤلاء المؤمنون السعداء هم المستحقون للخلود الأبدي في جنات النعيم لا يخرجون منها أبدا
[ ونزعنا ما في صدورهم من غل ] أى طهرنا قلوبهم من الحسد والبغضاء، حتى لا يكون بينهم إلا المحبة والتعاطف كما ورد في الحديث (يدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل ) وصيغة الماضي تفيد التحقق والتثبت
[ تجري من تحتهم الانهار ] أي تجري أنهار الجنة من تحت قصورهم، زيادة في نعيمهم
[ وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ] أى الحمد لله الذي وفقنا لتحصيل هذا النعيم العظيم، ولولا هداية الله تعالى وتوفيقه، لما وصلنا إلى هذه السعادة
[ لقد جاءت رسل ربنا بالحق ] أى والله لقد صدقنا الرسل فيما أخبرونا به عن الله عز وجل
[ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ] أى وتناديهم الملائكة : أن هذه الجنة هي التي أعطيتموها، بسبب أعمالكم الصالحة في الدنيا، قال القرطبي : ورثتم منازلها بعملكم، ودخولكم إياها برحمة الله وفضله، وفي الحديث " لن يدخل أحد الجنة بعمله.. )ومعنى الحديث الشريف : أن دخول الجنة إنما يكون بفضل الله ورحمته، وأما تقاسم الدرجات فيها، فيكون بحسب الأعمال الصالحة
[ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم ] هذا النداء إنما يكون بعد استقرار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وعبر بالماضى عن المستقبل لتحقق وقوعه أى ينادي أهل الجنة أهل النار يقولون : إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا على ألسنة رسله، من النعيم والكرامة حقا، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم من الخزي والهوان حقا ؟ فيجيبونهم : نعم وجدنا ذلك حقا، قال الزمخشرى : وإنما قالوا لهم ذلك اغتباطا بحالهم، وشماتة بأهل النار، وزيادة فى غمهم)
[ فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ] أي أعلن معلن ونادى مناد بين الفريقين، بأن لعنة الله على كل ظالم بالله، ثم وصفهم تعالى بقوله
[ الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ] أى الذين كانوا فى الدنيا يمنعون الناس عن اتباع دين الله، ويبغون أن تكون السبيل معوجة، غير مستقيمة حتى لا يتبعها أحد
[ وهم بالآخرة كافرون ] أى وهم بلقاء الله في الدار الآخرة مكذبون جاحدون


الصفحة التالية
Icon