[ قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك ] أى ادع لنا ربك ليكشف عنا البلاء، بحق ما أكرمك به من النبوة! ! قال الزمخشري : أى اسعفنا إلى ما نطلب إليك من الدعاء لنا، بحق ما عندك من عهد الله وكرامته لك بالنبوة،
[ لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل ] اللام لام القسم، أى والله لئن رفعت عنا العذاب الذي نحن فيه يا موسى، لنصدقن بما جئت به ولنطلقن سراح بني إسرائيل، وقد كانوا يستخدمونهم في أرذل الأعمال
[ فلما كشفنا عنهم العذاب إلى اجل هم بالغوه ] أي فلما كشفنا بدعاء موسى عنهم العذاب، إلى وقت من الزمان هم واصلون اليه ولابد، قال ابن عباس : هو وقت الغرق
[ إذا هم ينكثون ] أى إذا هم ينقضون عهودهم، ويصرون على الكفر
[ فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم ] أى فانتقمنا منهم بالإغراق في البحر
[ بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ] أي بسبب تكذيبهم بآيات الله وإعراضهم عنها، وعدم مبالاتهم بها
[ وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ] أى وأورثنا بني إسرائيل الذين كانوا يستذلون بالخدمة أرض الشام، وملكناهم جميع جهاتها ونواحيها : مشارقها ومغاربها
[ التي باركنا فيها ] بالخيرات وكثرة الثمرات
[ وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل ] أى تم وعد الله الصادق بالتمكين لبنى إسرائيل في الأرض، ونصره إياهم على عدوهم، قال الطبري : وكلمته الحسنى هي قوله جل ثناؤه [ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة.. فى الآية
[ بما صبروا ] أى بسبب صبرهم على الأذى
[ ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ] أى خزينا ودمرنا القصور والعمارات، التي كان يشيدها فرعون وجماعته [ وما كانوا يعرشون ] من الجنات والمزارع.. وإلى هنا تنتهي قصة فرعون وقومه، ويبتدىء الحديث عن بني إسرائيل وما أغدق الله عليهم من النعم الجسام، وأراهم من الآيات العظام، تسلية لرسوله عليه الصلاة والسلام مما رأه من اليهود، قال تعالى
[ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ] أي عبرنا ببني إسرائيل البحر وهو (بحر القلزم ) عند خليج السويس الآن
[ فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ] أى مروا على قوم يلازمون العكوف على عبادة أصنام لهم
[ قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ] أى اجعل لنا صنما نعبده كما لهم أصنام يعبدونها، وهذا منهم منتهى السفه والجهل، ولذلك نسبهم نبيهم إلى الجهالة، قال ابن عطية : الظاهر أنهم استحسنوا ما رأوا، فأرادوا أن يكون ذلك في شرع موسى، وفي جملة ما يتقرب به إلى الله، وإلا فبعيد أن يقولوا لموسى اجعل لنا صنما نفرده بالعبادة ونكفر بربك
[ قال إنكم قوم تجهلون ] أى إنكم قوم تجهلون عظمة الله، وما يجب أن ينزه عنه من الشريك والنظير، قال الزمخشري : تعجب من قولهم على أثر ما رأوا من الآية العظمى، والمعجزة الكبرى، فوصفهم بالجهل المطلق وأكده، لأنه لا جهل أعظم مما رأى منهم ولا أشنع
[ ان هؤلاء متبر ما هم فيه ] أى هالك مدمر ما هم فيه من الدين الباطل وهو عبادة الأصنام
[ وباطل ما كانوا يعملون ] أي باطل عملهم مضمحل بالكلية، لأنهم عبدوا ما لا يستحق العبادة
[ قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين ] أى أأطلب لكم معبودا غير الله المستحق للعبادة ؟ والحال أن الله فضلكم على غيركم بالنعم الجليلة! ! قال الطبري : فضلكم على عالمي دهركم وزمانكم
[ وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ] أى واذكروا يا بني إسرائيل النعم التي سلفت مني إليكم، حين أنجيتكم من قوم فرعون، يذيقونكم أفظع أنواع العذاب وأسوأه، ثم فسره بقوله
[ يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم ] أي يذبحون الذكور ويستبقون الإناث لامتهانهن في الخدمة