[ وأعرض عن الجاهلين ] أى لا تقابل السفهاء بمثل سفههم بل أحلم عليهم، قال القرطبي : وهذا وإن كان خطابا لنبيه عليه الصلاة والسلام، فهو تأديب لجميع خلقه
[ وإن ينزغنك من الشيطان نزغ ] أى وإما يصيبنك يا محمد طائف من الشيطان بالوسوسة، والتشكيك في الحق
[ فاستعذ بالله ] أى فاستجر بالله والجأ إليه في دفعه عنك
[ إنه سميع عليم ] أى سميع لما تقول عليم بما تفعل
[ إن الذين اتقوا ] أى الذين اتصفوا بتقوى الله
[ إذا مسهم طائف من الشيطان ] أى إذا أصابهم الشيطان بوسوسته، وحام حولهم بهواجسه
[ تذكروا ] أى تذكروا عقاب الله وثوابه
[ فإذا هم مبصرون ] أى يبصرون الحق بنور البصيرة، ويتخلصون من وساوس الشيطان
[ وإخوانهم يمدونهم في الغي ] أى إخوان الشياطين الذين لم يتقوا الله، وهم الكفرة الفجرة، فإن الشياطين تغويهم وتزين لهم سبل الضلال
[ ثم لا يقصرون ] أى لا يمسكون ولا يكفون عن إغوائهم
[ وإذا لم تأتهم بآية ] أى وإذا لم تأتهم بمعجزة كما اقترحوا
[ قالوا لولا اجتبيتها ] أى هلا اختلقتها يا محمد ؟ واخترعتها من عند نفسك ؟! وهو تهكم منهم لعنهم الله
[ قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى ] أى قل لهم يا أيها الرسول : ليس الأمر إلى حتى آتى بشئ من عند نفسي، وإنما أنا عبد أمتثل ما يوحيه الله إلى
[ هذا بصائر من ربكم ] أي هذا القرآن الجليل حجة بينة، وبراهين نيرة، يغني عن غيره من المعجزات، فهو بمنزلة البصائر للقلوب، به ينصر الحق ويدرك
[ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ] أى وهداية ورحمة للمؤمنين، لأنهم المقتبسون من أنواره، والمنتفعون من أحكامه
[ وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ] أى وإذا تليت آيات القرآن فاستمعوها بتدبر وإمعان، واسكتوا عند تلاوته إعظاما للقرآن وإجلالا له
[ لعلكم ترحمون ] اي للاكي تفوزوا بالرحمة
[ واذكر ربك في نفسك ] أى واذكر ربك سرا مستحضرا لعظمته وجلاله
[ تضرعا وخيفة ] أى متضرعا البه وخابفا منه
[ ودون الجهر من القول ] أى وسطا بين الجهر والسز
[ بالغدو والاصال ] أى في الصباح والعشي
[ ولا تكن من الغافلين ] أى ولا بغفل عن ذكر الله
[ ان الذين عند ربك ] أى الملائكة الاطهار
[ لا يستكبرون عن عبادته ] أى لا يتكبرون عن عبادة ربهم
[ ويسبحونه ] اي ينزهونه عما لا يليق به
[ وله يسجدون ] أى لا يسجدون إلا لله عز وجل ! !
البلاغة :
١ - [ كانك حفى عنها ] التثبيه (مرسل مجمل ) لذكر اداة التشبيه وحذف وجه الشبه.
٢ - [ فلما تغثعاها ] التغشي هنا كنابة عن الجماع، وهو من الكنايات اللطيفة.
٣ - [ الهم ارجل يمشون بها.. ] الخ هذا الاسلوبب يسمى " الاطنابب، وفاندته زيادة التقريع والتوبيخ.
٤ - [ بنزفئك من الشيطان نزغ ] شنه وسوسة الثيطان واغراءه الناس على المعاصي بالنزغ، وهو ادخال الابرة وما شابهها في الجلد، ففيه استعارة لطيفة.
٥ - [ هدا بصابر من ربكم ] فيه تشبيه بليغ واصله هذا كالبصائر، حذفت اداة النشبيه ووجه الشبه فهوبليغ.
لطيفة :
حكي ان بعض السلف قال لتلميذه : ما تصنع بالشيطان اذا سول لك الخطايا ؟ قال : اجاهده، قال : فان عاد ؟ قال : اجاهده قال : فان عاد ؟ قال : اجاهده، قال ان هذا يطول، ارايت لو مررت بغنم قنبحك كلبها، ومنعك من العبور ما تصنع ؟ قال : اكابده وارده جهدي ! ! قال : هذا يطول عليك، ولكن استنث بصاحب الغنم، يكفه عنك، فهذه فابدة الاستعاذة من الشيطان الرجيم.


الصفحة التالية
Icon