[ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم ] كرره لزيادة التشنيع والتوبيخ على إجرامهم أى شأن هؤلاء وحالهم كشأن وحال المكذبين السابقين، حيث غيروا حالهم، فغير الله نعمته عليهم
[ فأهلكناهم بذنوبهم ] أى أهكلناهم بسبب ذنوبهم، بعضهم بالرجفة، وبعضهم بالخسف، وبعضهم بالحجارة، وبعضهم بالغرق، ولهذا قال تعالى
[ وأغرقنا آل فرعون ] أى أغرقنا فرعون وقومه معه
[ وكل كانوا ظالمين ] أى وكل من الفرق المكذبة، كانوا ظالمين لأنفسهم بالكفر والمعاصي، حيث عرضوها للعذاب
[ إن شر الدواب عند الله ] أى شر من يدب على وجه الأرض في علم الله وحكمه
[ الذين كفروا فهم لا يؤمنون ] أى الذين اصروا على الكفر ورسخوا فيه، فهم لا يتوقع منهم إيمان لذلك، قال ابن عباس : نزلت في " بني قريظة، من اليهود، منهم (كعب بن الأشرف ) وأصحابه عاهدهم رسول الله (ص) ألا يحاربوه فنقضوا العهد
[ الذين عاهدت منهم ] أى الذين عاهدتهم يا محمد على ألا يعينوا المشركين
[ ثم ينقضون عهدهم في كل مرة ] أى يستمرون على النقض مرة بعد مرة
[ وهم لا يتقون ] أى لا يتقون الله في نقض العهد، قال المفسرون : كان رسول الله (ص) قد عاهد يهود (بني قريظة) ألا يحاربوه ولا يعاونوا عليه المشركين، فنقضوا العهد، وأعانوا عليه كفار مكة بالسلاح يوم بدر، ثم قالوا : نسينا وأخطأنا، فعاهدهم مرة أخرى فنقضوا العهد ومالئوا الكفار يوم الخندق
[ فإما تثقفنهم في الحرب ] أى فإن تظفر بهم في الحرب
[ فشرد بهم من خلفهم ] أى فاقتلهم، ونكل بهم تنكيلا شديدا، يشرد غيرهم من الكفرة المجرمين
[ لعلهم يذكرون ] أى لعلهم يتعظون بما شاهدوا فيرتدعوا، والمعنى : اجعلهم عبرة لغيرهم، حتى لا يبقى لهم قوة على محاربتك
[ وإما تخافن من قوم خيانة ] أى وإن أحسست يا محمد من قوم معاهدين خيانة للعهد، ونكثا بأمارات ظاهرة
[ فانبذ إليهم على سواء ] أى اطرح اليهم عهدهم على بينة ووضوح من الأمر، قال النحاس : هذا من معجز ما جاء في القرآن مما لا يوجد في الكلام مثله، على اختصاره وكثرة معانيه، والمعنى : وإما تخافن من قوم - بينك وبينهم عهد - خيانة فانبذ اليهم العهد أى قل لهم قد نبذت إليكم عهدكم، وأنا مقاتلكم، ليعلموا ذلك فيكونوا معك في العلم سواء، ولا تقاتلهم وبينك وبينهم عهد، وهم يثقون بك، فيكون ذلك خيانة وغدرا
[ إن الله لا يحب الخائنين ] وهذا كالتعليل للأمر بنبذ العهد أى لا يحب من ليس عنده وفاء ولا عهد
[ ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا ] أى لا يظنن هؤلاء الكفار أنهم فاتونا، وأننا لا نقدر عليهم، بل هم في قبضتنا، وتحت مشيئتنا وقهرنا
[ إنهم لا يعجزون ] كلام مستأنف أى إنهم لا يعجزون ربهم، بل هو قادر على الانتقام منهم في كل لحظة وحين، لا يعجزه أحد من الخلق
[ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ] أى أعدوا لقتال أعدائكم جميع أنواع القوة :(المادية، والمعنوية)، قال الشهاب : وإنما ذكر القوة هنا لأنه لم يكن لهم في بدر استعداد تام، فنبهوا على أن النصر من غير استعداد لا يأتي في كل زمان
[ ومن رباط الخيل ] أي الخيل التى تربط في سبيل الله
[ ترهبون به عدو الله وعدوكم ] أى تخيفون بتلك القوة الكفار، أعداء الله وأعداءكم
[ وآخرين من دونهم ] أى وترهبون به آخرين غيرهم، قال ابن زيد : هم " المنافقون " وقال مجاهد : هم اليهود من بني قريظة، والأول أصح لقوله
[ لا تعلمونهم الله يعلمهم ] أى لا تعلمون ما هم عليه من النفاق، ولكن الله يعلمهم
[ وما تنفقوا من شيء في سبيل الله ] أى وما تنفقوا في الجهاد وفي سائر وجوه الخيرات
[ يوف إليكم ] أى تعطون جزاءه وافيا كاملا يوم القيامة
[ وأنتم لا تظلمون ] أى لا تنقصون من ذلك الأجر شيئا.
البلاغة :