[ كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ] استفهام بمعنى الإنكار والإستبعاد، أى كيف يكون لهم عهد معتد به عند الله ورسوله ؟ ثم استدرك فقال
[ إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ] أى لكن من عاهدتم من المشركين عند المسجد الحرام ولم ينقضوا العهد، قال ابن عباس : هم (أهل مكة) وقال ابن اسحاق : هم (قبائل بنى بكر) كانوا دخلوا وقت الحديبية في المدة التي كانت بين رسول الله، وبين قريش، فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن نقض عهده منهم
[ فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ] أى فما داموا مستقيمين على عهدهم فاستقيموا لهم على العهد
[ إن الله يحب المتقين ] أى يحب من اتقى ربه، ووفى عهده، وترك الغدر والخيانة
[ كيف وإن يظهروا عليكم ] تكرار لاستبعاد ثباتهم على العهد أى كيف يكون لهم عهد وحالهم هذه أنهم إن يظفروا بكم
[ لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة ] أى لا يراعوا فيكم عهدا ولا ذمة، لأنه لا عهد لهم ولا أمان، قال ابو حيان : وهذا كله تقرير واستبعاد لثبات قلوبهم على العهد
[ يرضونكم بأفواههم ] أى يرضونكم بالكلام الجميل إن كان الظفر لكم عليهم
[ وتأبى قلوبهم ] أى وتمتنع قلوبهم من الإذعان والوفاء بما أظهروه، قال الطبري : المعنى يعطونكم بألسنتهم من القول خلاف ما يضمرونه لكم في نفوسهم من العداوة والبغضاء، وتأبى قلوبهم أن يذعنوا بتصديق ما يبدونه لكم بألسنتهم
[ وأكثرهم فاسقون ] أى واكثرهم ناقضون للعهد خارجون عن طاعة الله
[ اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ] أى استبدلوا بالقرآن عرضا يسيرا من متاع الدنيا الخسيس
[ فصدوا عن سبيله ] أى منعوا الناس عن اتباع دين الإسلام
[ إنهم ساء ما كانوا يعملون ] أى بئس هذا العمل القبيح الذي عملوه
[ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ] أى لا يراعون في قتل مؤمن لو قدروا عليه عهدا ولا ذمة
[ وأولئك هم المعتدون ] أى وأولئك الجامعون لتلك الأوصاف الذميمة، هم المجاوزون الحد في الظلم والبغي
[ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ] أى فإن تابوا عن الكفر وأقاموا الصلاة وأعطوا الزكاة
[ فإخوانكم في الدين ] أى فهم إخوانكم في الدين، لهم ما لكم، وعليهم ما عليكم
[ ونفصل الآيات لقوم يعلمون ] أى ونبين الحجج والأدلة لأهل العلم والفهم، والجملة اعتراضية للحث على التدبر والتأمل
[ وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم ] أى وإن نقضوا عهودهم الموثقة بالأيمان
[ وطعنوا في دينكم ] أى عابوا الإسلام بالقدح والذم
[ فقاتلوا أئمة الكفر ] أى قاتلوا رؤساء وصناديد الكفر
[ إنهم لا أيمان لهم ] أى لا أيمان لهم ولا عهود يوفون بها
[ لعلهم ينتهون ] أى كي يكفوا عن الإجرام، وينتهوا عن الطعن في الإسلام، وهو متعلق بقوله (قاتلوا) أى ليكن غرضكم في المقاتلة الإنتهاء عما هم عليه، لا إيصال الأذية بهم، كما هي طريقة المؤذين
[ ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم ] تحريض على قتالهم أى ألا تقاتلون يا معشر المؤمنين قوما نقضوا العهود وطعنوا في دينكم ؟
[ وهموا بإخراج الرسول ] أى عزموا على تهجير الرسول (ص) من مكة حين تشاوروا بدار الندوة على إخراجه من الوطن، او قتله
[ وهم بدءوكم أول مرة ] أى هم البادئون بالقتال حيث قاتلوا حلفاءكم (خزاعة)، والبادىء أظلم، فما يمنعكم أن تقاتلوهم ؟
[ اتخشونهم فالله أحق أن تخشوه ] ؟ أى أتخافونهم فتتركون قتالهم، خوفا على انفسكم منهم ؟ فالله أحق أن تخافوا عقوبته إن تركتم أمره
[ إن كنتم مؤمنين ] أي إن كنتم مصدقين بعذابه وثوابه، فقضية الإيمان الصحيح ألا يخشى المؤمن إلا ربه ولا يبالي بمن سواه.. ثم بعد الحض والحث أمرهم بقتالهم صراحة فقال سبحانه


الصفحة التالية
Icon