[ قاتلهم الله أنى يؤفكون ] دعاء عليهم بالهلاك، أى اهلكهم الله كيف يصرفون عن الحق الى الباطل، بعد وضوح الدليل، حيث جعلوا لله ولدا! قال الرازي : الصيغة للتعجب وهو راجع الى الخلق على عادة العرب في مخاطبابهم، والله تعالى عجب نبيه من تركهم الحق واصرارهم على الباطل
[ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ] اي اطاع اليهود احبارهم، والنصارى رهبانهم في التحليل والتحريم، وتركوا امر الله، فكأنهم عبدوهم من دون الله والمعنى : اطاعوهم كما يطاع الرب وإن كانوا لم يعبدوهم، وهو التفسير المأثور عن رسول الله (ص) قال عدي بن حاتم : اتيت رسول الله (ص) وفي عنقي صليب من ذهب فقال : يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن، قال وسمعته يقرأ سورة براءة [ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ] فقلت يا رسول الله : لم يكونوا يعبدونهم ! ! فقال عليه السلام : أليس يحرمون ما احل الله تعالى فيحرمونه، ويحلون ما حرم الله فيستحلون ؟ ! فقلت : بلى، قال : فذلك عبادتهم
[ والمسيح ابن مريم ] أى اتخذه النصارى ربا معبودا
[ وما أمروا الا ليعبدوا الها واحدا ] أى والحال ان اولئك الكفرة ما امروا على لسان الانبياء، إلا بعبادة اله واحد هو الله رب العالمين
[ لا اله الا هو ] لا معبود بحق سواه
[ سبحانه عما يشركون ] اي تنزه الله عما يقول المشركون وتعالى علوا كبيرا
[ يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ] أى يريد هؤلاء الكفار من المشركين واهل الكتاب، ان يطفئوا نور الاسلام وشرع محمد عليه السلام، بأفواههم الحقيرة، بمجرد جدالهم وافترائهم، وهو النور الذي جعله الله لخلقه ضياء فمثلهم في ذلك كمثل من يريد ان يطفىء شعاع الشمس ونورها الساطع بنفخه بفمه، وهي حماقة ليس بعدها حماقة! !
[ ويأبى الله إلا أن يتم نوره ] اي ويابى الله إلا ان يعليه ويرفع شأنه
[ ولو كره الكافرون ] أى ولو كره الكافرون ذلك
[ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ] أى ارسل محمدا (ص) بالهداية التامة، والدين الكامل وهو الاسلام
[ ليظهره على الدين كله ] أى ليعليه على سائر الاديان
[ ولو كره المشركون ] أى ولو كره المشركون ظهوره وانتشاره ! !
البلاغه :
١ - [ فتربصوا حتى يأتي الله بأمره ] صيغته أمر، وحقيقته وعيد كقوله تعالى [ اعملوا ما شئتم ].
٢ - [ ويوم حنين ] من باب عطف الخاص على العام، للتنويه بشأنه حيث جاء النصر بعد اليأس، والفرج بعد الشدة.
٣ - [ وضاقت عليكم الارض بما رحبت ] شبه ما حل بهم من الكرب والهزيمة والضيق النفسي، بضيق الارض على سعتها، على سبيل الاستعارة.
٤ - [ انما المشركون نجس ] الصيغة لافادة الحصر واللفظ فيه تشبيه بليغ أى كالنجس في خبث الباطن وخبث الاعتقاد، حذفت منه اداة الشبه ووجه الشبه فاصبح بليغا ومثله [ اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا ] أى كالارباب في طاعتهم وامتثال اوامرهم في التحريم والتحليل.
٥ - [ فلا يقربوا المسجد ] عبر عن الدخول بالقرب للمبالغة في النهى.
٦ - [ يطفئوا نور الله ] اراد به نور الاسلام فان الاسلام بنوره المضيء وحججه القاطعة، يشبه الشمس الساطعة في نورها وضيائها، فهو من باب الاستعارة، وهي من لطائف الاستعارات. لطيفه : قال العلامة القرطبي دل قوله تعالى [ لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء ] على أن القرب قرب الاديان، لا قرب الأبدان، وقد انشدوا في ذلك ابياتا : يقولون لي دار الاحبة قد دنت وانت كئيب ان ذا لعجيب فقلت : وما تغني ديار قريبة اذا لم يكن بين القلوب قري
قال الله تعالى :[ با ايها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان.. إلى.. فهم في ريبهم يترددون ] من اية ( ٣٤) الى نهاية اية (٤٥ ).
المناسبه :


الصفحة التالية
Icon