[ وهموا بما لم ينالوا ] قال ابن كثير : هم نفر من المنافقين هموا بالفتك بالنبي (ص) عند عودته من تبوك وكانوا بضعة عشر رجلا
[ وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله ] أى ما عابوا على الرسول وما له عندهم من ذنب، إلا ان الله اغناهم ببركته، ويمن سعادته، وهذه الصيغة تقال حيث لا ذنب.. ثم دعاهم تبارك وتعالى الى التوبة فقال
[ فإن يتوبوا يك خيرا لهم ] أى فإن يتوبوا عن النفاق، يكن رجوعهم وتوبتهم خيرا لهم وافضل
[ وإن يتولوا ] اي يعرضوا ويصروا على النفاق
[ يعذبهم الله عذابا أليما ] أى يعذبهم عذابا شديدا
[ في الدنيا والآخرة ] اي في الدنيا بالقتل والأسر، وفي الآخرة بالنار وسخط الجبار
[ وما لهم في الأرض من ولى ولا نصير ] اي ليس لهم من ينقذهم من العذاب، او يشفع لهم فيخلصهم وينجيهم يوم الحساب.
البلاغة :
١ - [ هو أذن ] أصله هو كالأذن يسمع كل ما يقال له، فحذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه، فصار تشبيها بليغا مثل زيد أسد.
٢ - [ يؤذون رسول الله ] أبرز اسم الرسول ولم يأت به ضميرا " يؤذونه " تعظيما لشأنه عليه السلام، وجمعا له بين الرتبتين العظيمتين (النبوة) و(الرسالة) واضافته اليه زيادة في التكريم والتشريف.
٣ - [ ذلك الخزي العظيم ] الاشارة بالبعيد عن القريب للإيذان ببعد درجته في الهول والفظاعة.
٤ - [ ويقبضون أيديهم ] قبض اليد كناية عن الشح والبخل، كما ان بسطها كناية عن الجود والكرم.
٥ - [ نسوا الله فنسيهم ] من باب المشاكلة لان الله لا ينسى أى تركوا طاعته فتركهم تعالى من رحمته.
٦ - [ كالذين من قبلكم ] التفات من الغيبة الى الخطاب لزيادة التقريع والعتاب.
٧ - [ فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعم بخلاقكم.. ] الآية فيها اطناب، والغرض منه الذم والتوبيخ، لاشتغالهم بالمتاع الخسيس، عن الشيء النفيس.
٨ - [ وما نقموا إلا أن أغناهم الله.. ] في الآية تأكيد المدح بما يشبه الذم على حد قول القائل : ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب.
فائدة :
روى ابن كثير عن علي كرم الله وجهه قال : بعث رسول الله (ص) بأربعة أسياف : سيف للمشركين [ فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ] وسيف لأهل الكتاب [ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.. ] وسيف للمنافقين [ جاهد الكفار والمنافقين ] وسيف للبغاة [ فقاتلوا التي تبغي حثى تفيء إلى أمر الله ].
لطيفة :
قال الامام الفخر : لما وصف تعالى المؤمنين بكون بعضهم أولياء بعض، ذكر بعده خمسة أمور بها يتميز المؤمن، عن المنافق، فالمنافق يأمر بالمنكر، وينهى عن المعروف، ولا يقوم الى الصلاة الا بكسل، ويبخل بالزكاة وسائر الواجبات، واذا امر بالمسارعة الى الجهاد فإنه يتخلف ويثبط غيره، والمؤمن بالضد منه، فإنه يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويؤدي الصلاة على الوجه الأكمل، يؤتي الزكاة، ويسارع الى طاعة الله ورسوله، ولهذا قابل تعالى بين صفات المؤمنين، وصفات المنافقين بقوله [ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ] كما قابل في الجزاء بين نار جهنم ودار النعيم، فكانت مقابلة لطيفة
قال الله تعالى :[ ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله.. الى.. فهم لا يعلمون ] من آية (٧٥) الى نهاية آية ٩٣.
المناسبة :
لا تزال الآيات الكريمة تتحدث عن المنافقين، وتفضح اسرارهم، وتكشف احوالهم، باعتبار خطرهم الداهم على الاسلام والمسلمين، لينتبه اهل الايمان الى ضررهم وخطرهم، فيحذروهم.
اللغه :


الصفحة التالية
Icon