[ وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ] أى وسيفصل الله تعالى بينهم يوم القيامة، فيجازي كلا بما يستحق من الثواب أو العقاب
[ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ] أى ادع ياأيها الرسولُ الناس إلى دين الله، وشريعته القدسية، بالأسلوب الحكيم، واللطف واللين، بما يؤثر فيهم وينجع، لا بألزجر والتأنيب، والقسوة والشدة
[ وجادلهم بالتي هي أحسن ] أى وجادل المخالفين بالطريقة التي هي أحسن، من طرق المناظرة والمجادلة، بالحجج والبراهين، والرفق واللين
[ إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ] أى إن ربك يا محمد هو العألم بحال الضالين، وحال المهتدين، فعليك أن تسلك الطريق الحكيم، في دعوتهم ومناظرلهم، وليس عليك هداهم، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب
[ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ] أى وإن عاقبتم أيها المؤمنون مَن ظَلَمكم، واعتدى عليكم، فعاملوه بالمثل ولا تزيدوا، قال المفسرون : نزلت في شأن (حمزة بن عبد المطلب ) لما بقر المشركون بطنه يوم أُحد، فقال النبي (ص) : لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين منهم
[ ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ] أى ولئن عفوتم وتركتم القصاص، فهو خير لكم وأفضل، وهذا ندبَ إلى الصبر، وترك عقوبة من أساء، فإن العقوبة مباحة، وتركها أفضل
[ واصبر وما صبرك إلا بالله ] أى واصبر يا محمد على ما ينالك من الأذى في سبيل الله، فما تنال هذه المرتبة الرفيعة، إلا بمعونة الله وتوفيقه
[ ولا تحزن عليهم ] أى لا تحزن على الكفار إن لم يؤمنوا
[ ولا تك فى ضيق مما يمكرون ] أى ولا يضق صدرك بما يقولون، من السفه والجهل، ولا بما يدبرون من المكر والكيد
[ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ] أى إنه سبحانه مع المتقين، بمعونته ونصره، ومع المحسنين بالحفظ والرعاية، ومن كان الله معه فلن يضره كيد الكائدين !
البلاغة :
تضمنت الآيات من صنوف البيان والبديع ما يلي :
١ - الاستعارة المكنية [ فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ] شبه ذلك اللباس من حيث الكراهية بالطعم المر البشع، وحذف المشبه به ورمز اليه بشيء من لوازمه وهو الاذاقة على طريق الاستعارة المكنية.
٢ - الطباق بين [ حلال.. وحرام ].
٣ - الإلتفات [ وآتيناه فى الدنيا حسنة ] التفت عن الغيبة إلى التكلم اشارة إلى زيادة الاعتناء بشأنه وتفخيم أمره.
٤ - التشبيه البليغ [ كان أمة ] أى كان بمفرده كالأمة والجماعة الكثيرة لجمعه أوصاف الكمالات التي تفرقت في الخلق كما قال الشاعر :
" وليسى على الله بمستنكر ان يجمع العالم في واحد "
تنبيه :
دل قوله تعالى [ وجادلهم بالتى هي أحسن ] على الحث على الإنصات في المناظر، واتباع الحق، والرفق والمدارة، على وجه يظهر منه أن القصد إثبات الحق وإزهاقُ آلباطل، لا نصرة الرأى وهزيمة الرأى الأخر.


الصفحة التالية
Icon