[ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ] أى وإذا وحدت الله وأنت تتلو القرآن، فر المشركون من ذلك هربا من استماع التوحيد
[ نحن أعلم بما يستمعون به ] أى نحن أعلم بالغاية التي يستمعون من أجلها للقرآن، وهي الاستهزاء والسخرية، قال المفسرون : كان المشركون يجلسون عند النبي، مظهرين الاستماع، وقي الواقع قاصدين الاستهزاء، فنزلت الآية تسلية للرسول (ص) وتهديداً للمشركين
[ إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى ] أى حين يستمعون إلى قراءتك يا محمد، ثم يتناجون ويتحدثون بينهم سرا
[ اذ يقول الظالمون ان تتبعون إلا رجلا مسحورا ] آى حين يقول أولئك الفجرة : ما تتبعون إلا رجلا سُحر فجُن فاختلط كلامه
[ انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا ] أى انظر يا محمد وتعجب كيف يقولون تارة عنك إنك ساحر، وتارة إنك شاعر، وتارة إنك مجنون ! وقد ضلوا بهذا البهتان والزور
[ فلا يستطيعون سبيلا ] أى لا يجدون طريقاً إلى الهدى والحق المبين، لما في قلوبهم من الظلمة والكبرياء.
البلاغة :
تضمت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - الاستعارة المكنية [ واخفض لهما جناح الذل ] شبه الذل بطائر له جناح وحذف الطائر ورمز له بشيء من لوازمه وهو الجناح، على سبيل (الاستعارة المكنية).
٢ - الاستعارة التمثيلية [ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ] مثل للبخيل بالذي حبست يده عن الاعطاء وشدت إلى عنقه بحيث لا يقدر على مدها، وشبه السرف ببسط الكف بحيث لاتحفظ شيئا.
٣ - اللف والنشر المرتب [ فتقعد ملوما محسورا ] عاد لفظ [ ملوما ] إلى البخل ولفظ [ محسورا ] إلى الإسراف أى يلومك الناس إن بخلت، وتصبح متطوعا إن أسرفت وبذرتَ المالَ.
٤ - الطباق بين [ يبسط.. ويقدر ]
٥ - جناس الاشتقاق في لفظ [ قرأت القرآن ].
٦ - التوبيخ [ أفأصفاكم ربهكم بالبنبن ] ؟.
٧ - الفرض والتقدير [ لو كان معه آلهة كما يقولون ] أى لو فُرض وقُذر.
لطيفة :
نقف هنا أمام مثل! من (دقائق التعبير) القرآنى العجيبة، ففي هذه السورة قدم تعالى رزق الأبناء على رزق الآباء [ نحن نرزقهم وإياكم ] وفي سورة الأنعام قدم رزق الآباء [ نحن نرزقكم وإياكم ] والسر في ذلك، أن قتل الأولاد هنا كان خشية وقوع الفقر بسببهم، فقدم تعالى رزق الأولاد، وفي الأنعام كان قتلهم بسبب فقر الآباء فعلا، فقدم رزق آلاباء، فلله در التنزيل ما أروع أسراره !.
قال الله تعالى :[ وقالوا أءذا كنا عظام ورفاتاً.. ] إلى قوله [ ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ]. من آية (٤٩ ) إلى نهاية آية (٦٩).
المناسبة :
لما ذكر تعالى موقف المشركين من القرآن العظيم، وذكر تعاميهم عن فهم آياته البينات، أردفه بذكر شبهاتهم في إنكار البعث والنشور وكر عليها بالإبطال والتفنيد، ثم ذكر قصة آدم لإبليس للعظة والاعتبار، وأعقبها بذكر نعمه العظيمة على العباد، ثم بالوعيد والتهديد إن أصروا على الكفر والجحود.
اللغة :
[ رفاتا ] الرُفات : ما تكسر وبلييَ من كل شيء، كالفُتات وآلحُطام الرضاض
[ ينغضون ] قال الفراء : يقال أنغض فلان رأسه إذا حركه إلى فوق وأسفل كالمتعجب من الشيء قال الراجز :" أنغَض نحوي رأسه وأقنعا "
[ ينزغ ] يفسد ويهيج الشر، والنزغُ : الإفسادُ والإغراء
[ لأحتنكن ] الإحتناك الأخذ بالكليةِ والاستئصال يقال : احتنك الجرادُ آلزرعَ إذا ذهب به كله
[ واستفزز ] اخدع واستخف يقال : أفزه الخوف واستفزه، إذآ أزعجه واستخفه
[ وأجلب ] أصل الإجلاب آلسوقُ بجلَبةٍ من السائق وهو الصياح، والجَلب والجَلَبَة الأصوات
[ وَرَجِلك ] الرجلُ جمع راجل وهو الذي يمشي على قدميه
[ يزجي ] يسوق
[ حاصبا ] الحاصب والحصباء هي آلحَصَى الصغار