[ وما أرسلناك الا مبشرا ونذيرا ] أى مبشراَ بالجنة لمن أطاع، ومنذرا بالنار لمن عصى
[ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ] أى وقرآناً نزلناه مفرقى منجما، لتقرآه على الناس على تؤدة ومهل، ليكون حفظه أسهل، والوقوف على دقائقه أيسر
[ ونزلناه تنزيلا ] أى نزلناه شيئا بعد شيء، على حسب الأحوال والمصالح
[ قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ] خطاب للمشركين الذين اقترحوا المعجزات على وجه التهديد والوعيد أى آمنوا بهذا القرآن آو لا تؤمنوا ؟ فإن إيمانكم به لا يزيده كمالا، وتكذيبكم له لا يورثه نقصا
[ إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ] أى العلماء الذين قرءوا الكتب السالفة، من صالحي أهل الكتاب، إذا سمعوا القرآن تأثروا فخزوا ساجدين لله رب العالمين ! ! والجملة تعليل لما تقدم، والمعنى : إن لم تؤمنوا به أنتم، فقد آمن به من هو خير منكم وأعلم
[ ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ] أى يقولون : تنزًه الله عن إخلاف وعده إنه كان وعده كائنا لا محالة
[ ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ] أى ويخرون ساجدين على وجوههم، باكين عند استماع القرآن، ويزيدهم تواضعاً لله، قال الرازي : والفائدة في هذا التكرير، اختلاف الحالين وهو خرورهم للسجود، وفي حال كونهم باكين عند استماع القرآن
[ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ] أى نادوا ربكم الجليل باسم [ الله ] او باسم [ الرحمن ]
[ أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ] آى بآى هذين الاسمين ناديتموه فهو حسن، لأن أسماءه جميعها حسنى، وهذان منها، قال المفسرون : سببها أن الكفار سمعوا النبي (ص) يدعو :(يا الله )، (يا رحمن ) فقالوا : إن محمدا ليأمرنا بدعاء إله واحد!، وها هو يدعو إلهين، فنزلت الآية مبينة انهما اسم لمسمى واحد
[ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ] أى لا تجهر يا محمد بقراءتك في الصلاة، فيسمعك المشركون فيسبوا القرآن ومن أنزله، ولا تسر بقراءتك بحيث لا تسمع من خلفك
[ وابتغ بين ذلك سبيلا ] أى اقصد طريقا وسطا بين الجهر والمخافتة، قال ابن عباس : كان رسول الله (ص) يرفع صوته بالقراءة، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله فنزلت،
[ وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ] أى الحمد لله الذي تنزه عن الولد
[ ولم يكن له شريك في الملك ] أى ليس له شريك في ألوهيته
[ ولم يكن له ولى من الذل ] أى ليس بذليل فيحتاج إلى الولي والنصير
[ وكبره تكبيرأ ] أى عظم ربك عظمة تامة، واذكره بصفات العز والجلال، والعظمة والكمال ! ! ختمت السورة كما بدأت بحمد الله، وتقرير وحدانيته بلا ولد ولا شريك، وتنزيهه عن الحاجة إلى الولي والنصير، وهو العلي الكبير.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الاستفهام الإنكاري [ أبعث الله بشرا رسولا ] ؟.
٢ - الالتفات من الغيبة إلى التكلم [ ونحشرهم يوم القيامة ] اهتماماً بأمر الحشر.
٣ - الطباق بين [ من يهد.. ومن يضلل، وبين [ مبشراً.. ونذيرا ] وبين [ تجهر. وتخافت ].
٤ - الجناس الناقص بين [ مسحورا ] و[ مثبورا ] لتغير بعض الحروف.
٥ - المقابلة اللطيفة [ وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ] مقابل قولة فرعون [ وإني لأظنك يا موسى مسحورا ].
٦ - السجع الرصين الذي يزيد في جمال الأسلوب مثل [ فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، مبشرا ونذيرا ] ومثل [ إني لأظنك يا موسى مسحورا.. وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ].


الصفحة التالية
Icon