[ فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا ] أى فخفنا أن يحملهما حبه على اتباعه في الكفر والضلال
[ فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رُحما ] أى فأردنا بقتله أن يرزقهما الله ولداَ صالحا، خيرا من ذلك الكافر، وأقربَ برا ورحمة بوالديه
[ وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما ] أى وأما الجدار الذي بنيتُه دون أجر، والذي كان يوشك أن يسقط، فقد خبىء تحته كنزْ من ذهب وفضة لغلامين يتيمين
[ وكان أبوهما صالحا ] أى وكان والدهما صالحاَ تقيا فحفظ الله لهما الكنز لصلاح الوالد (( قيل إنه الأب السابع، وظاهر اللفظ أنه ابوهما مباشرة وهو الأرجح ))، قال المفسرون : إن صلاح الأباء ينفع الأبناء، وتقوى الأصول تنفع الفروع
[ فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما ] أى فأراد الله بهذا الصنيع، أن يكبرا ويشتد عودهما، ويستخرجا كنزهما من تحت الجدار
[ رحمة من ربك ] أى رحمة من الله بهما لصلاح أبيهما
[ وما فعلته عن أمري ] اي ما فعلتُ ما رأيتَ من خرقِ السفينة، وقتل الغلام، وإِقامة الجدار عن رأيي واجتهادي، بل فعلته بأمر الله وإلهامه
[ ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ] أى ذلك تفسير الأمور التي لم تستطع الصبر عليها وعارضت فيها قبل أن أخبرك عنها.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - الطباق بين [ مبشرين.. ومندرين ] وبين [ نسيت.. وأذكر ].
٢ - اللف والنشر المرتب [ أما السفينة ] [ وأما الغلام ] [ وأما الجدار ] فقد جاء بها مرتبة بعد ذكر ركوب السفينة، وقتل الغلام، وبناء الجدار، بطريق اللف والنشر المرتب وهو من المحسنات البديعية.
٣ - الحذف بالإيجاز [ كل سفينة ] أى صالحة، حذف لدلالة لفظ " أعيبها " وكذلك حذف لفظ كافر من [ وأما الغلام ] لدلالة قوله تعالى :[ فكان أبواه مؤمنين ] أى وهو كافر.
٤ - التغليب [ أبواه ] المراد باللفظ أبوه وأمه.
٥ - الاستعارة [ يريد أن ينقض ] لأن الإرادة من صفات العقلاء لإسنادها إلى الجدار من لطيف الاستعارة وبليغ المجاز كقول الشاعر : يريد الرمح صدر أبى براء ويرغب عن دماء بني عقيل
٦ - التنكير للتفخيم والإضافة للتشريف [ عبدا من عبادنا ].
٧ - السجع الرصينُ غير المتكلف مراعاة لرءوس الآيات مثل [ نصباً، سربا، عجبا ]
٨ - تعليم الأدب [ فأردت أن أعيبها ] وهناك قال :[ فأراد ربك ] حيث أسند ما ظاهره شر لنفسه، وأسند الخير إلى الله تعالى، وذلك لتعليم العباد الأدب مع الله جل وعلا.
قصة موسى والخضر كما في الصحيحين


الصفحة التالية
Icon