[ ونذر الظالمين فيها جثيا ] أي ونترك الظالمين في جهنم قعوداً على الركب، قال البيضاوي : والآية دليل على أن المراد بالورود الجثو حواليها، وأن المؤمنين يفارقون الفجرة إلى الجنة بعد نجاتهم، ويبقى الفجرة فيها على هيئاتهم
[ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ] أى وإذا قرئت على المشركين آيات القراَن المبين، واضحات الإعجاز، بينات المعاني
[ قال الذين كفروا للذين آمنوا أى الفريقين خير مقاما وأحسن ندياً ] أى قال الكفرة المترفون لفقراء المؤمنين : أى الفريقين :- نحن أو انتم - أحسنُ مسكناَ، وأطيب عيشا، وأكرم منتدى ومجلسا ؟ قال البيضاوي : إن المشركين لما سمعوا الآيات الواضحات، وعجزوا عن معارضتها، أخذوا في الافتخار، بما لهم من حظوظ الدنيا، والاستدلال بزيادة حظهم فيها، على فضلهم وحسن حالهم لقصور نظرهم، فرد الله عليهم بقوله :
[ وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا ] أى وكثير من الأمم المكذبين بآياتنا، أهلكناهم بكفرهم كانوا أكثر من هؤلاء متاعا، وأجمل صورة ومنظرا، فكما أهلكنا السابقين نهلك اللاحقين، فلا يغترً هؤلاء بما لديهم من النعيم والمتاع
[ قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ] أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أنهم على حق : من كان في الضلالة منا ومنكم، فليمهله الرحمن فيما هو فيه، وليدعه في طغيانه، حتى يلقى ربه وينقضى أجله، قال القرطبي : وهذا غاية في التهديد والوعيد
[ حتى إذا رأوا ما يوعدون ] أى حتى إذا رأوا ما يحل بهم من وعد الله
[ إما العذاب وإما الساعة ] أي إما عذاب الدنيا بالقتل والأسر، أو عذاب الآخرة بما ينالهم يوم القيامة من الشدائد والأهوال
[ فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ] أى فسيعلمون عندئذ حين تنكشف الحقاثق أي الفريقين شر منزلة عند الله، واْقل فئة وأنصاراَ ؟ هل هم الكفار أم المؤمنون ؟ وهذا في مقابلة قولهم [ خير مقاما وأحسن نديا ]
[ ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ] أى ويزيد الله المؤمنين المهتدين، بصيرة وإيماناً وهداية
[ والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباَ ] أى والأعمال الصالحة التي تبقى لصاحبها ذخرا فى الآخرة، خير عند الله من كل ما يتباهى به أهل الأرض، من حيث الأجر والثواب
[ وخير مردا ] أى وخير رجوعا وعاقبة، فإن نعيم الدنيا زائل ونعيم الآخرة باقي دانم
[ أفرأيت الذي كفر بآَياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ] نزلت في العاص بن وائل، والاستفهام للتعجب أى تعجب يا محمد من قصة هذا الكافر، الذي جحد بآيات الله، وزعم أن الله سيعطيه قي الآخرة المال والبنين
[ أطلع الغيب ] أى هل أطلع على الغيب، الذي تفرد بعلمه علام الغيوب ؟
[ أم اتخذ عند الرحمن عهدا ] أى أم أعطاه الله عهدا بذلك، فهو يتكلم عن ثقةٍ ويقين ؟
[ كلا سنكتب ما يقول ] رد عليه، ولفظةُ " كلا " للردع والزجر أى ليرتدع ذلك الفاجر عن تلك المقالة الشنيعة، فسنكتب ما يقول عليه
[ ونمد له من العذاب مداَ ] أى سنزيد له في العذاب، ونطيل عليه جزاء طغيانه واستهزائه، ونضاعف له مدد العذاب، مكان الإمداد بالمال والولد
[ ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ] أى ونرثه ما يُخلًفه من المال والولد بعد إهلاكه، ويأتينا وحيدا لا مال معه ولا ولد، ولا نصير له ولا سند
[ واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا ] أى واتخذ المشركون أصناما، عبدوها من دون الله لينالوا بها العز والشرف
[ كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ] أى ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا، فإن الاَلهة التي عبدوها، ستتبرأ من عبادتهم ويكونون لهم أعداء يوم القيامة


الصفحة التالية
Icon