[ واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولي ] اي حل هذه اللكنة الحاصلة في لساني حتى يفهموا كلامي، قال المفسرون : عاش موسى في بيت فرعون فوضعه فرعون مرة في حجره وهو صغير، فجر لحية فرعون بيده فهم بقتله، فقالت له آسية : انه لا يعقل وسأريك بيان ذلك، قدم اليه جمرتين ولؤلؤتين، فان اخذ اللؤلؤة عرفت انه يعقل، وان اخذ الجمرة عرفت انه طفل لا يعقل، فقدم اليه ذلك، فأخذ الجمرة فجعلها في فيه، فكان في لسانه حبسة
[ واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي ] اي اجعل لي معينا يساعدني ويكون من اهلي وهو اخي هارون
[ اشدد به أزري ] اي لتقوي به يا رب ظهري
[ وأشركه في أمري ] اي اجعله شريكا لي في النبوة وتبليغ الرسالة
[ كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا ] اي كي نتعاون على تنزيهك عما لا يليق بك، ونذكرك بالدعاء والثناء عليك
[ إنك كنت بنا بصيرا ] اي عالما بأحوالنا لا يخفى عليك شيء من افعالنا، طلب موسى من ربه ان يعينه بأخيه يشد به أزره، لما يعلم منه من فصاحة اللسان، وثبات الجنان، وان يشركه معه في المهمة، لما يعلم من طغيان فرعون وتكبره وجبروته
[ قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ] اي اعطيت ما سألت وما طلبت، ثم ذكره تعالى بالمنن العظام عليه، فقال سبحانه :
[ ولقد مننا عليك مرة أخرى ] اي انعمنا عليك يا موسى، بمنة اخرى غير هذه المنة
[ إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى ] اي ألهمناها ما يلهم مما كان سببا في نجاتك
[ أن أقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم ] اي الهمناها ان ألقِ هذا الطفل في الصندوق، ثم اطرحيه في نهر النيل ثم ماذا ؟ ومن يتسلمه ؟
[ فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له ] اي يلقيه النهر على شاطئه، ويأخذه فرعون عدوي وعدوه، قال في البحر :[ فليلقه ] امر معناه الخبر جاء بصيغة الامر مبالغة، اذ الامر اقطع الافعال واوجبها
[ وألقيت عليك محبة مني ] اي زرعت في القلوب محبتك، بحيث لا يكاد يصبر عنك من رآك، حتى أحبك فرعون، قال ابن عباس : أحبه الله وحببه الى خلقه
[ ولتصنع على عينى ] اي ولتربى بعين الله، بحفظي ورعايتي
[ إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله ] اي حين تمشي اختك وتتبع اثرك، فتقول لآل فرعون حين طلبوا لك المراضع : هل ادلكم على من يضمن لكم حضانته ورضاعته ؟ قال المفسرون : لما التقطه آل فرعون جعل لا يقبل ثدي امرأة، لأن الله حرم عليه المراضع، وبقيت أمه بعد قذفه في اليم مغمومة، فأمرت أخته ان تتبع خبره، فلما وصلت الى بيت فرعون ورأته، قالت : هل أدلكم على امرأة أمينة فاضلة، تتعهد لكم رضاع هذا الطفل ؟ فطلبوا منها إحضارها فأتت بأم موسى، فلما أخرجت ثديها التقمه، ففرحت زوجة فرعون فرحا شديدا، وقالت لها : كوني معى في القصر فقالت : لا استطيع ان اترك بيتي واولادي، ولكن آخذه معي وآتي لك به كل حين، فقالت : نعم واحسنت اليها غاية الاحسان، فذلك قوله تعالى :
[ فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن ] اي رددناك الى امك لكي تسر بلقائك، وتطمئن بسلامتك ونجاتك، ولكيلا تحزن على فراقك
[ وقتلت نفسا فنجيناك من الغم ] اي قتلت القبطي حين اصبحت شابا، فنجيناك من غم القتل، وصرفنا عنك شر فرعون وزبانيته، وفي صحيح مسلم :(وكان قتَله خطأ)
[ وفتناك فتونا ] اى ابتليناك ابتلاء عظيما بانواع من المحن
[ فلبثت سنين في أهل مدين ] اى مكثت سنين عديدة عند شعيب في ارض مدين
[ ثم جئت على قدر يا موسى ] اي جئت على موعد ووقت مقدر للرسالة والنبوة.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١- التشويق والحث على الإصغاء [ وهل أتاك حديث موسى ] ؟


الصفحة التالية
Icon